بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5373)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تملك عائلتنا أرضا كبيرة جدا غير مسورة، باقية على الشيوع، يأتيها أهل المناطق المجاورة؛ للحرث ورعي دوابهم، وعرف الناس عندنا يسمح بذلك، فهل يجوز لنا منعهم من رعي أغنامهم فيها؛ لنتمكن من العمل في جزء منها بالزرع والحرث، مع إمكانية استفادة الناس أيضا، دون دخول الدواب؛ لئلا تفسد الزرع؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الأرض المتسعة كثيرا، وأصحابها لا يحتاجون إلا إلى بعضها، فالسماح للناس أن ينتفعوا بما هم في غنى عنه بالرعي والاحتطاب ونحو ذلك أمر محمود مرغب فيه، حتى قالوا إنه يجب وجوب السنن؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن كانَ معهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ به علَى مَن لا ظَهْرَ له، وَمَن كانَ له فَضْلٌ مِن زَادٍ، فَلْيَعُدْ به علَى مَن لا زَادَ له. قالَ: فَذَكَرَ مِن أَصْنَافِ المَالِ ما ذَكَرَ، حتَّى رَأَيْنَا أنَّهُ لا حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا في فَضْلٍ) [مسلم: 1728].
ولكن إذا أرادوا أن يسيجوا أرضهم التي هي من حر ملكهم، ويمنعوا الناس منها فلهم ذلك، ولهم منع دخول المواشي التي تفسد الزروع والأشجار ونحو ذلك، قال ابن رشد: “وَلَا يَمْنَعُ النَّاسَ عَمَّا فَضَلَ مِنْ حَاجَتِهِ مِنْهُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فِي تَخَلُّصِ النَّاسِ إِلَيْهِ بِدَوَابِّهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ ضَرَرٌ مِنْ زَرْعٍ يَكُونُ لَهُ حَقٌّ إِلَيْهِ، فَيفْسُدُ عَلَيْهِ بِالإِقْبَالِ عَلَيْهِ وَالْإِدْبَار” [البيان والتحصيل:10/246]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
28//ربيع الآخر//1445هـ
12//11//2023م