بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5325)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أنا (م ص)، حدثَ شجار بيني وبين زوجتي، وتعالت الأصوات، وغضبت غضبًا أفقدني وعيي، وفي اليوم التالي ذهبت إلى بيت أهل زوجتي لتسوية الوضع، فأخبروني بأني طلقتُ زوجتي في تلك الحالة، فما حكم هذا الطلاق؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن العقلَ هو مناطُ التكليفِ، والمؤاخذة تكون بالأقوال والأفعال، فإذا كان المطلِّقُ يعي ما يقول، ويقصد ما تكلم به، فالطلاقُ واقع، وأما إن كان المطلقُ لا يعي ما يقول، ولا يشعر بما صدر منه، فالطلاق لا يقع؛ لأنه صار في حكم المجنون فاقد العقل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ، أَوْ يُفِيقَ) [الترمذي:1423،أبوداود:4398،ابن ماجه:2119]، وفي المدونة: “وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ مَا نَعْلَمُ عَلَى مَجْنُونٍ طَلَاقًا فِي جُنُونِهِ وَلَا مَرِيضٍ مَغْمُورٍ لَا يَعْقِلُ، إلَّا أَنَّ الْمَجْنُونَ إذَا كَانَ يَصِحُّ مِنْ ذَلِكَ وَيُرَدُّ إلَيْهِ عَقْلُهُ فَإِنَّهُ إذَا عَقَلَ وَصَحَّ جَازَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ كُلُّهُ كَمَا يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ” [2/84]، وقال الصاوي رحمه الله: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ وَلَوْ اشْتَدَّ غَضَبُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَدَعْوَى أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْإِكْرَاهِ بَاطِلٌ، وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَغِبْ عَقْلُهُ بِحَيْثُ لَا يَشْعُرُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ” [بلغة السالك:2/351].
وعليه؛ فإن كان الواقع ما ذكر في السؤال، من أنك طلقتَ من غير شعور، ولولا إخبارهم ما علمتَ بذلك؛ فإن الطلاق لا يقع، ولا يلزمك منه شيء، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم بن سليم الشوماني
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
23//ربيع الأول// 1445هـ
08//10//2023م