طلب فتوى
الأسرةالحدود و الجناياتالطلاقالعقيدةالفتاوىالنكاح

حكم ولاية المرتد في عقد النكاح

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5873)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

عقد السيد: (ع) على السيدة: (م) عقدَ زواجٍ دون أوراق رسمية، وقد تولى العقد عليها أخوها، وبحضور شاهدين، وأُشهِر الزواج، ولكن الزوجة لم تكن موافقة على تولي أخيها للعقد؛ لكونها تطعن في إسلامه، بسبب تعاطيه للسحر والشعوذة، وأخبرت أنه أكرهها يوما على النطق بتحريف القرآن، ومزق ورقة من المصحف ولطخها بالنجاسة والعياذ بالله، كما ذكرت أنه قدمها في صِغَرِها تقرّبًا إلى ساحر؛ لأجل ذلك كله علّقت موافقتها على عدم تولي أخيها للعقد، علمًا أنها ثيب تملك أمر نفسها، وبالرغم من ذلك عقد عليها زوجها بولاية أخيها دون علمها، وأوهمها -دون تصريح- أنّ المتولي للعقد شخص آخر، ولم يكن يعلم عن أخيها إلا ستر الحال والإسلام الظاهر، فقد رآه يصلي غير مرة، وكانت الزوجة تسأله دائما أن يَصْدُقَها القول فيمن تولى العقد، وتُردّد عليه باستمرار أنها لا تحل له إن كان المتولي للعقد هو أخاها، فلما أكثرت عليه داخله الشك في صحة زواجه، ثم طلقها، ثم عقد عليها بأوراق رسمية تولى فيه العقد شخص آخر، ثم طلقها مرة في طهر لم يجامعها فيه، ثم طلقها أخرى في الحيض، فهل النكاح الأول صحيح ومعتد به شرعا ويترتب عليه صحة الطلاق؟ وإذا لم يكن صحيحا، فكيف يتوب الزوج مما فعله؟ وهل الطلاق في الحيض واقع؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن للنكاح الشرعي أركانا أربعة؛ هي الزوجان، والولي، والصيغة بالإيجاب والقبول، وله شرطان: الإشهاد والصداق، ومتى توفرت هذه الأركان والشروط؛ صح النكاح، سواء سُجّل عند الموثقين أم لم يسجل.

ولكن شرط الولي أن يكون مسلما؛ لأنه لا ولاية للكافر على المسلمة، قال الخرشي رحمه الله: “كُفْر الْوَلِيِّ مَانِعٌ أَيْضًا مِنْ صِحَّةِ عَقْدِ نِكَاحِ وَلِيَّتِهِ الْمُسْلِمَةِ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الذِّمِّيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَالْحَرْبِيُّ” [شرح الخرشي: 3/188].

فإن كان ما تدعيه الزوجة على شقيقها صحيحا، وأنه قد وقع منه ما ذُكِر من أسباب الردة المخرجة من الملة، فإن عقد النكاح الأول لا يصح، ويكون الطلاق -تبعا لذلك- غير واقع؛ لأنه لم يقع على زوجة، بل يعدّ فسخا لنكاح فاسد.

وأما الزوج، فإذا لم يتبين له صدق الزوجة وتحذيرها من فساد النكاح فلعله يكون في عفو.

وأما الطلاقُ في الحيض فهو واقعٌ معتد به شرعًا؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه طلق زوجته وهي حائض، فذكر عمر رضي الله عنه ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (لِيُرْجِعْهَا) قلت: تُحتَسَبُ؟ قال: (فَمَهْ؟) [البخاري: 4954].

عليه فالذي يلزم الزوج هو طلقتان؛ لأن الفراقَ الأولَ فَسْخٌ وليس طلاقا، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

عبد الرحمن بن حسين قدوع

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

07/جمادى الآخرة/1446هـ

09/ديسمبر/2024م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق