بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4320)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤالان التاليان:
السؤال الأول: أنا تاجر عملة، اشتغلت في حوالات دولار بين تركيا وليبيا، فكنت أستلفُ دولارات في تركيا من تجار في ليبيا، على أن أردها لهم دولارات في ليبيا في اليوم التالي، لكن أدفع معها مبلغًا زائدًا (فرق السعر) بالدينار، على حسب سعر يوم السداد، فما الحكم الشرعي في هذه المعاملة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فدفعُ الزيادة – في فرق سعر صرف الدولار بين تركيا وليبيا – على قدر المبلغ المستلف محرَّمٌ شرعًا؛ لأنه قرض، ولا يجوز في القرض اشتراطُ الزيادة قدرًا أو صفةً؛ بل ينبغي أن يكون المبلغ المستلم في تركيا والمسلَّمُ في ليببا متماثلا؛ لأن الزيادة تؤدي إلى السلفِ بمنفعة، وهو من الربا المحرم؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالفِضَّةُ بِالفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَمَن زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى، الآخِذُ وَالْمُعْطِي فِيهِ سَوَاءٌ) [مسلم: 1548]، وقال القرافي رحمه الله عند حديثه عن شرط القرض: “وَفِي الْجَوَاهِرِ: شَرْطُهُ أَنْ لاَ يَجُرَّ مَنْفَعَةً لِلْمُقْرِضِ فَإِنْ شَرَطَ زِيَادَةً قَدْرًا أَوْ صِفَةً فَسَدَ”[الذخيرة: 289/5]، وليس للمُرابي المُقرِض للأموال الحق في أخذ الزيادة غير المقبوضة، بل له الحق في رأس ماله فقط، قال تعالى : ﴿وَإِن تُبۡتُمۡ فَلَكُمۡ رُءُوسُ أَمۡوَٰلِكُمۡ لَا تَظۡلِمُونَ وَلَا تُظۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 279]، وشرط التوبة للمرابي المُقرِض أن يرد المال الحرام المقبوض الزائد عن رأس المال إلى صاحبه إنْ وجدَه، أو يتصدقَ به عنه إنْ لم يجده، قال القرطبي رحمه الله: “قَالَ عُلَمَاؤُنَا إِنَّ سَبِيلَ التَّوْبَةِ مِمَّا بِيَدِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ الْحَرَامِ إِنْ كَانَتْ مِنْ رِبًا فليردها على مَنْ أرْبى عليهِ، ويطلبه إِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، فَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ فَلْيَتَصَدَّقْ بِذَلِكَ عَنْهُ” [الجامع لأحكام القرآن: 3/366]، والله أعلم.
السؤال الثاني: كنت أشتغلُ في استثمارِ الأموالِ للناس، بشرطِ أن أعطيهم مكسبًا ثابتًا بعد مدة زمنيةٍ معينةٍ، فمثلا أستلمُ من شخص مبلغ 50000 دينار على أن أسلمه مكسبًا ثابتًا خمسة آلاف دينارٍ بعد أسبوعينِ، ولا يزيدُ هذا المبلغ بزيادة الربح ولا ينقصُ بنقصانهِ، فما الحكم الشرعي لهذه المعاملة؟
الجواب:
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ هذه المعاملةَ محرمةٌ شرعًا؛ لأنها مِن اقتراضِ أموالِ الناس بفائدةٍ، وشبيهة بالسنداتِ التي توضع لدى البنوك والمؤسساتِ المالية إلى آجال محددة وتؤخذ عليها نسبة ثابتة من مائة، وهي مِن الربا المحرمِ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالفِضَّةُ بِالفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَمَن زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى، الآخِذُ وَالْمُعْطِي فِيهِ سَوَاءٌ) [مسلم:1548]، وكل سلف جر نفعا فهو ربا، وقال القرافي رحمه الله عند حديثه عن شرط القرض: “وَفِي الْجَوَاهِرِ: شَرْطُهُ أَنْ لاَ يَجُرَّ مَنْفَعَةً لِلْمُقْرِضِ فَإِنْ شَرَطَ زِيَادَةً قَدْرًا أَوْ صِفَةً فَسَدَ”[الذخيرة:289/5]، وليس للمُراِبي المُقرِض للأموال الحقُّ في المكاسبِ غير المقبوضة، بل له الحقّ في رأس ماله فقط، قال تعالى: ﴿وَإِن تُبۡتُمۡ فَلَكُمۡ رُءُوسُ أَمۡوَٰلِكُمۡ لَا تَظۡلِمُونَ وَلَا تُظۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 279]، وشرط التوبة للمرابي المُقرِض؛ أن يرد المال الحرامَ المقبوض الزائد عن رأسِ المالِ إلى صاحبهِ إنْ وجدهُ، أو يتصدق به عنه إن لم يجدْه، قال القرطبي رحمه الله: “قَالَ عُلَمَاؤُنَا إِنَّ سَبِيلَ التَّوْبَةِ مِمَّا بِيَدِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ الْحَرَامِ إِنْ كَانَتْ مِنْ رِبًا فليردّها على مَن أربى عليه، ويطلبه إِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، فَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِهِ فَلْيَتَصَدَّقْ بِذَلِكَ عَنْهُ” [الجامع لأحكام القرآن: 3/366]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
عبد الدائم بن سليم الشوماني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
28//ربيع الآخر//1442هـ
13//12//2020م