طلب فتوى
الأسرةالفتاوىالنكاح

خروج الزوجة دون إذن، والنشوز، والتخبيب

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2219)

 

ورد إلى دار الإفتاء الأسئلة التالية:

  1. 1.ما حكم خروج الزوجة إلى بيت أهلها بتحريض منهم، والمبيت فيه دون إذن زوجها؟ وهل يحق للزوج أن يحدد لها أياما معينة لزيارة أهلها؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنه لا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها لغير ضرورة، إلا بإذنه، ويجب عليها طاعته في المعروف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف) [البخاري:6830، مسلم:1840]، ولا يحل لأهل المرأة تحريض ابنتهم على ما يكرهه الزوج، والواجب إصلاح ذات بينهما، قال تعالى: )فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ( [الأنفال:1]، كما أن على الزوج أن لا يمنع زوجته من زيارة والديها، إلا لسبب شرعي، وأن يعينها على بر والديها، قال المواق رحمه الله: “وفي العُتْبية: ليس للرجل أن يمنع زوجه من الخروج لدار أبيها …” [التاج والإكليل:185/4]، ولا بأس بتحديد موعد للزيارة، كأن تكون كل جمعة مثلا، إن كانوا في نفس المدينة، قال الدسوقي رحمه الله: “(ويقضي لها بالزيارة)، أي: في الجمعة مرةً …” [حاشية الدسوقي:512/2]، والله أعلم.

  1. 2.أيهما أولى بالطاعة بالنسبة للمرأة؛ الوالدان أم الزوج؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فطاعة كل من الوالدين والزوج واجبة، قال سبحانه وتعالى: )وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا( [النساء:36]، وقال عز وجل: )الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ( [النساء:34]، فإن تعارض أمر الزوج مع أمر الوالدين؛ فتقديم أمر الزوج أوجب، ما لم يأمر بمعصية الله، فعن حصين بن محصن قال: حدثتني عمتي قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في بعض حاجة، فقال: (أي هذه، أذات بعل أنت؟ قالت: نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: فأين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك” [مسندأحمد:19003]، والله أعلم.

3. ما معنى النشوز؟ وكيف يتعامل الزوج مع زوجته الناشز؟ وهل يجوز للرجل ضرب زوجته؟

            الجواب:

            الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

            أما بعد:

فإن النشوز كما يحصل من المرأة يحصل من الرجل، قال القرطبي رحمه الله: “وقال ابن فارس: ونشزت المرأة استصعبت على بعلها، ونشز بعلها عليها إذا ضربها وجفاها” [الجامع لأحكام القرآن:171/5]، وعلاج نشوز المرأة قد ذكره الله في كتابه، قال جلَّ وعلا: )وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا( [النساء:34]، قال القرطبي رحمه الله: “ومن خاف من امرأته نشوزا وعظها، فإن أنابت وإلا هجرها في المضجع، فإن ارعوت وإلا ضربها، فإن استمرت في غلوائها مشى الحكمان إليهما” [الجامع لأحكام القرآن:179/5]، أما ضرب الرجل لزوجته فهو مباح إذا نشزت، ولا يجوز ضربها إلا بضوابط شرعية، ضربا غير مبرح، عند عدم استجابتها للوعظ، والهجر في الفراش، والأفضل له ترك الضرب، فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: (مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ …) [مسلم:4296]، والله أعلم.

4. هل يجوز لأقارب الزوجة التدخل في شؤونها الخاصة؟

           الجواب:

           الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

           أما بعد:

           فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد حثنا على عدم التدخل في شؤون الآخرين دون رضاهم، إلا في إصلاح ذات البين، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ) [الترمذي:2317]، وعلى من تحدث في شؤونهما ألَّا يقولَ إلا خيرًا، قال صلى الله عليه وسلم: (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) [البخاري:5672،مسلم:74]، والله أعلم.

5. ما معنى التخبيب؟ وما نصيحتكم لمن يفعل ذلك من أهل الزوجة؟

           الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

           أما بعد:

           فيقال خبَّب الشَّخصُ الشَّخصَ، أي: خدعه وأفسده، وغرَّر به، وخَبَّبَ على فلان زوْجَه، أي: أَفسدها عليه، ويحرم على المسلم هذا الصنيع؛ لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من خبب زوجة امرىء أو مملوكه فليس منا) [أبوداود:5170]، قال ابن الأثير رحمه الله: “وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: (مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً أوْ مملُوكا عَلَى مُسْلم فَلَيْسَ مِنَّا)، أَيْ: خَدَعه وَأَفْسَدَهُ” [النهاية:4/2]، والواجب على من صدر منه هذا الصنيع التوبةُ إلى الله، وإصلاح ما أفسده، واستحلال الطرف الآخر، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد محمد الكوحة

محمد الهادي كريدان

 

غيث بن محمود الفاخري

نائب مفتي عام ليبيا

28/ربيع الآخر/1436هـ

2015/02/18م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق