دعم المشاريع من قبل منظمة (الصليب الأحمر)
تقديم الإغاثة والعون باسم (الصليب الأحمر)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4052)
السيد/ مدير مكتب العمل والتأهيل بالمجلس البلدي (غ).
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
تحية طيبة، وبعد:
فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال عن حكم الاتفاق المرفق بين المجلس البلدي واللجنة الدولية للصليب الأحمر، حول دعم المشاريع الصغرى، لتحسين دخل العائلات.
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فبالنظر لواقع هذه المنظمة المسماة بـ(الصليب الأحمر)، والبحث عن نشاطاتها؛ تبيّن أنها تدعو إلى التنصير -وإن بشكل غير مباشر- وترعاه في عديد من الدول الإسلامية التي تدخلها، ومن أدوات التنصير التي تستعملها لاستمالة القلوب؛ تقديم الإغاثة والعون باسم الصليب الأحمر وقتَ الأزمات، للتأثير فيما بعد على عقائد الناس، كما أنها تسهل عمل المنصرين (المبشرين)، بتوفير كل ما من شأنه إنجاح عملهم، ولهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم من أخذ هدايا الكفار، ففي الحديث: (عن عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ، قَالَ: أَهْدَيْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَاقَةً، فَقَالَ: أَسْلَمْتَ؟ فَقُلْتُ: لَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي نُهِيتُ عَنْ زَبَدِ الْمُشْرِكِينَ) [أبوداود: 3057]، ولا شك أن العطايا والهدايا تقع في قلب المهدى إليه، وهي وسيلة من وسائل زرع المحبة، ففي الحديث: (تَهَادَوْا تَحَابُّوا) [الأدب المفرد: 594]، قال ابن عبد البر: “وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ إِنَّمَا تَرَكَ قَبُولَ هَدِيَّةِ عِيَاضٍ وَمُلَاعِبِ الْأَسِنَّةِ وَمِثْلِهِمَا، وَنُهِيَ عَنْ زَبَدِ الْمُشْرِكِينَ، وَهُوَ رِفْدُهُمْ وَعَطَايَاهُمْ وَهَدِيَّتُهُمْ، لِمَا فِي التَّهَادِي وَالرِّفْدِ مِنْ إِيجَابِ تَلْيِينِ الْقُلُوبِ، وَمَنْ حَادَّ اللَّهَ وَشَانَهُ، قَدْ حَرُمَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مُوَالَاتُهُ”[الاستذكار: 5/89]، قال الشوكاني: “وَقِيلَ: رَدَّهَا لِأَنَّ لِلْهَدِيَّةِ مَوْضِعًا مِنْ الْقَلْبِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمِيلَ إلَيْهِ بِقَلْبِهِ، فَرَدَّهَا قَطْعًا لِسَبَبِ الْمِيلِ …” [نيل الأوطار: 8/6]، قال المباركفوري: “وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْأَصْلَ هُوَ عَدَمُ جَوَازِ قَبُولِ هَدَايَا الْمُشْرِكِينَ…” [تحفة الأحوذي شرح الترمذي: 5/167].
وأما ما حكي عنه صلى الله عليه وسلم من قبول هدايا الكفار، فقد وجهه العلماء بعدة توجيهات منها ما حكاه ابن عبد البر حين قال: “وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ مِنْهُ مَا لَا يُؤْمَنُ مِنْ أَكْثَرِ الْأُمَرَاءِ بَعْدَهُ” [الاستذكار: 5/89] وقال ابن حجر: “بِأَنَّ الِامْتِنَاعَ فِي حَقِّ مَنْ يُرِيدُ بِهَدِيَّتِهِ التَّوَدُّدَ وَالْمُوَالَاةَ، وَالْقَبُولَ فِي حَقِّ مَنْ يُرْجَى بِذَلِكَ تَأْنِيسُهُ وَتَأْلِيفُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ” [فتح الباري: 5/231]، ولا شك أن إدخالهم في الإسلام من أعظم المصالح.
كما أن في مذكرة الاتفاق المبرمة بين المجلس البلدي ومؤسسة الصليب الأحمر ما يدعو إلى الريبة فقد جاء فيها: (يوافق المستفيد على: تسهيل زيارات المتابعة والتقييم لفريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر)، (موافقة الصليب الأحمر على مساعدة المستفيد وتقديم النصح له/ لها خلال عملية شراء مواد المشروع) (زيارة المستفيد لغرض متابعة وتقييم سير المشروع خلال مرحلة التنفيذ) كما أن في الاتفاقيات المرفقة إعلاء للصليب بوضع شعاره على العقود وهو أمر محرم، ففي حديث عائشة رضي الله عنها: (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلَّا نَقَضَهُ) [البخاري: 5608].
كما تبين من خلال الاتفاقية المبرمة بين مندوب مجلس (غ) وبين الصليب الأحمر، أن المجلس لا علاقة له باختيار الأشخاص المستهدفين ولا بمتابعتهم، بل كل ذلك موكول إلى منظمة الصليب الأحمر.
عليه؛ فإننا ندعو المجلس البلدي للامتناع عن قبول مثل هذه الهباتِ؛ سدًّا للذريعة، ولما قد يفتح على المسلمين من أبواب الشر والفتنة، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم سليم الشوماني
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
26// ربيع الأول// 1441هـ
24// 11// 2019م
شكراا لكم