بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5977)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أنا (هـ)، حصلت مشكلة بيني وبين زوجتي، فطلقتها في لحظة غضب، وقلتُ لها: “أنت طالق، طالق” مرتين، وفي نيتي إيقاع طلقة واحدة، وبعد مرور شهر – قبل انقضاء العدة – أشهدتُ أولادي وبعضَ جيراني أني أرجعتها، فقلت: “هي راجعة”، وذهبت لإرجاعها، وأبلغتُها، فرفضت أن ترجع، وأصرَّتْ على الطلاق، وهي تنتظر الآن مرور ثلاثة أشهر حتى تذهب إلى المحكمة لتطلب الطلاق، أو تشترط للرجوع شروطًا لا أرضى بها.
فما هو الحكم الشرعي في ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنَّ الطّلاقَ المكرّرَ يقعُ بعددِ ما كررهُ الزوج، إلا أن ينوي به التأكيد؛ لأنّ الكلام المكررَ يُحملُ على التأسيس، ما لم يُنْوَ به التأكيد، قال الخرشي رحمه الله: “إذَا كَرَّرَ الطَّلَاقَ بِلَا عَطْفٍ بِأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: … أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتَ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، طَالِقٌ، طَالِقٌ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْمُبْتَدَأ؛ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ نَسَقٍ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَمَحَلُّ اللُّزُومِ إنْ لَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ” [شرح الخرشي: 4/50].
وحيث إن الزوج ذكر في السؤال أنه نوى بالتكرار التأكيد فلا تلزمه إلا طلقة واحدة رجعيّة.
وإذا طلّق الزوج زوجته الطلاق الرجعي، ولم تكن هي الطلقة الثالثة، وثبتَ أنه قبْلَ خروج المرأة من العدّة؛ تلفظ بإرجاع الزوجة إلى عصمته بقوله: “أرجعتكِ إلى عصمتي”، أو “رددتكِ”، أو بأي لفظ صريح يدلّ على معنى الرجعة كما ذكر السائل؛ فإن الرجعة صحيحة، وإن أبت المرأة؛ إذ لا يشترط رضا الزوجة ولا علمُها بذلك، لقوله تعالى: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنۡ أَرَادُوٓاْ إِصۡلَٰحٗاۚ) [البقرة: 228].
وعليه؛ فإن كان الحال كما ذكر؛ فقد لزم السائلَ ما أوقعه من الطلاق حال غضبه وهو طلقة واحدة؛ وما أوقعه من الرجعة صحيح، ويجب على المرأة ووليها أن يردها إلى بيت الزوجية، وإلا تعدّ ناشزا ولا حق لها في رفع دعوى طلاق في المحكمة. والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
08//شوال//1446هـ
07//04//2025م