بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5368)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
قامت امرأة بالتنازل عن ملكية شقتها التي تسكنها لابنةِ أخيها، تخصيصًا لها دون أخواتها، علما أنّ المرأة لا زالت حية، وليس لها وريث، فهل يجوز ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ مَن تنازل عن شيء من أملاكه دون مقابلٍ، يعدّ تنازله مِن قبيلِ الهبة، ومِن شرط تمام الهبة حصول الحيازة، قال ابن أبي زيد رحمه الله: “وَلَا تَتِمُّ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا حُبُسٌ إِلَّا بِالحِيَازَةِ”[الرسالة:117].
والحيازة في العقارِ تكون حالَ حياة الواهب، وذلك بـ”وَضْع اليَدِ، وَالتَّصَرُّف فِي الشَّيْءِ الْمَحُوزِ كَتَصَرُّفِ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ؛ بِالْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ، وَالْهَدْمِ، وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوهٍ التَّصَرُّفُ” [كفاية الطالب الرباني: 2 /482]. ويجبر الواهب على تمكين الموهوب له من حيازة الهبة، قال الدردير رحمه الله: “(وَأُجْبِرَ) الْوَاهِبُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَوْزِ، أَيْ عَلَى تَمْكِينِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْهُ حَيْثُ طَلَبَهُ”[الشرح الكبير:4 /101].
عليه؛ فيجب إخلاء الشقة وتسليمها للموهوب له؛ لتمكينه من الحيازة، ولا يجوز للواهب الرجوع في هبته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ، وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ، ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ) [أبوداود:3539]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
عصام بن علي الخمري
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
25//ربيع الآخر//1445هـ
09//11//2023م