بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4800)
الأستاذ المحترم/ م ع وكيل ديوان بلدية زليتن.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تحية طيبة، وبعد:
فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال عن حكم ردم مقبرة أولاد سليمان السبعة، لكونها امتلأت بالقبور؛ حتى يتاح لكم الدفن فيها من جديد.
فالجواب كالتالي:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالأصل أن لا يُتصرف في المقبرة بأيّ نوعٍ من أنواع التصرّف؛ لأن القبر حبس على صاحبه ما دامَ فيه، ويحرمُ نبشُه، مادام به شيءٌ من عظامِه غير عَجْب الذَنَب، قال ابن الحاج رحمه الله: “… وَذَلِكَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ رَحْمَةُ اللَهِ عَلَيْهِمْ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُدْفَنُ فِيهِ الْمُسْلِمُ وَقْفٌ عَلَيْهِ، مَا دَامَ شَيْءٌ مِنْهُ مَوْجُودًا فِيهِ، حَتَّى يَفْنَى، فَإِنْ فَنِيَ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ دَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ، فَإِنْ بَقِيَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عِظَامهِ فَالْحُرْمَةُ بَاقِيَةٌ لِجَمِيعِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْفَرَ عَلَيْهِ وَلَا يُدْفَنَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَلَا يُكْشَفَ عَنْهُ اتِّفَاقًا” [المدخل: 2/18-19]، وقال الدردير رحمه الله: “(وَلَا يُنْبَشُ) أَيْ يَحْرُمُ (مَادَامَ) الْمَيِّتُ أَيْ مُدَّةَ ظَنِّ دَوَامِ شَيْءٍ مِنْ عِظَامِهِ غَيْرَ عَجْبِ الذَّنَبِ (بِهِ)” [الشرح الكبير على مختصر خليل: 1/428]، ولأن فيه إيذاءً للأموات، فقد صح عن النبي رحمه الله أنه قال: (كَسْرُ عَظْمِ المَيّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا) [أبو داود: 3207]، إلا إذا تبينَ أنّ العظامَ قد بليت تمامًا، وصارت رميمًا، فإنّه يجوز حينئذ الدفنُ فيها من جديدٍ، قال الدردير رحمه الله: “… إذَا عُلِمَ أَنَّ الأَرْضَ أَكَلَتْهُ، وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ، فَإِنَّهُ يُنْبَشُ؛ لَكِنْ لِلدَّفْنِ …” [الشرح الصغير: 1/578].
عليه؛ فإذا تحققتم مِن فناء عظام الموتى، وأنها صارت ترابًا، واستعنتم في ذلك بأهلِ الخبرة والمعرفة، جاز لكم حينئذ الدفن فيها من جديد من غير ردم، أمّا إن تبين أن العظام لم تبلَ؛ فإن الدفن في القبور التي لم تبل عظامها لا يجوز، ويمكنكم للاستفادة من المقبرة أن يتم ردمها ولكن الردم يكون بعد أن تُغطّى القبور بطبقة من الخرسانة المسلحة قائمة على قواعد تحفر في كل مسافة من المقبرة تحمل عليها الخرسانات، ثم تردم الخرسانات بمستوى من التراب يسمح بالدفن فيه، هذه هي الطريقة التي يكون بها الردم إن أردتم أن تستفيدوا من المقبرة بالدفن فوق القبور الأولى بحيث تحفظ حرمة القبور الأولى، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
04//شعبان//1443هـ
07//03//2022م