طلب فتوى
الفتاوىالمساجد

حكم الزخارف في المسجد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2122)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

بعض الإخوة بمسجد (حي الأندلس) أفتوا بحرمة الصلاة على الفراش الموجود بالمسجد، بحجة أن فيه زخرفة تشبه الصليب، وسعوا – بدون علم أهل المنطقة – في طلب فراش جديد من (وحدة أوقاف حي الأندلس)؛ لتغيير فراش المسجد، وبعد علم أهل المنطقة أوقفوهم، حتى تُستفتى دار الإفتاء في هذا الشأن، مع العلم بأن المسجد جديد، وقد كلف فراش المسجد (70 ألف د.ل)، ولازال في حالة ممتازة، وقد أرفقنا لكم بعض الصور الفوتوغرافية التي توضح شكل هذه الزخرفة، فهل هذه الزخارف من الصلبان الواجب إزالتها؟ وماحكم الصلوات الماضية في هذا المسجد؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن المساجد بيوت الله تعالى، بنيت لإقام الصلاة، ولتسبيح الله تعالى فيها بالغدو والآصال، مع حضور القلب، والضراعة والخشوع، وخشية الله، والرسوم والزخارف في فرش المساجد وجدرانها مما يشغل القلب عن ذكر الله، ويذهب بكثير من خشوع المصلين، ولذا كرهها العلماء، ففي البيان والتحصيل لابن رشد رحمه الله: “وتحسين بناء المساجد وتحصينها مما يستحب، وإنما الذي يكره تزويقها بالذهب وشبهه، والكتب في قبلتها؛ لأن ذلك مما يشغل المصلين، ويلهيهم عن الصلاة” [475:18]، فينبغي للمسلمين أن يجنبوا ذلك مساجدهم، محافظة على كمال عبادتهم، بإبعاد المشاغل عن الأماكن التي يتقربون فيها لله رب العالمين؛ رجاء عظم الأجر، ومزيد الثواب.

والصليب شعار النصارى، يضعونه في معابدهم، ويعظمونه، ويعتبرونه رمزا لقضية كاذبة، واعتقاد باطل، وهو صلب المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وقد كذّب الله تعالى اليهود والنصارى في ذلك، فقال سبحانه وتعالى: )وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ( [النساء:157]، فلا يجوز للمسلمين أن يجعلوه في فرش مساجدهم أو غيرها، ولا أن يبقوا عليه، بل يجب أن يتخلصوا منه بطمسه والقضاء على معالمه؛ بعدًا عن المنكر، وترفعًا عن مشابهة النصارى عموما، وفي مقدساتهم خاصة، قالت عائشة رضي الله عنها: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يترك في بيته شيئا فيه تصليب إلا قضبه)، أي: قطع موضع الصليب منه دون غيره، والقضب: القطع، وهذا الشيء يشمل الملبوس، والستور، والبسط، والآلات، وغير ذلك.

إلا أن الصور المرفقة لسجاد المسجد ليس رسم الصليب فيها ظاهرا، فلا يجب نقضها ولا إزالتها؛ لانتفاء العلة، وهي التشبه بالكفار وتعظيم رموزهم، فليس كل رسم يشبه الصليب يكون صليبا، والصلاة في هذا المسجد صحيحة، ولا يعوّل على هذه الوساوس من أن كل ما يشبه علامة الضرب الحسابي يكون صليبا، فرسم الصليب ما كان يظهر للناظر لأول وهلة أنه رسم للصليب المشهور اليوم في معظم الكنائس، ولدى أكثر النصارى، وهو عبارة عن خطين: أحدهما طولي، والآخر عرضي، بحيث يقطع الخط العرضي الخط الطولي في جزئه العلوي، بحيث تكون الجهة العليا أقصر من السفلى، وهو الشكل الأشهر للصليب منذ أن أحدثه النصارى، مأخوذ من الخشبة التي يصلب عليها من يُراد قتله، فإن كان يظهر للناظر من الوهلة الأولى هذا الأمر، وجب نقضه وإزالته، أو تعديله بما يخرجه عن كونه صليبا، وهذا غير موجود بالصور المرفقة، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

محمد علي عبد القادر

أحمد ميلاد قدور

غيــث بن محــمود الفاخــري

 

نائب مفتي عام ليبيا

16/صفر/1436هـ

2014/12/09م

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق