بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4195)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
يملك ثلاثة أشخاص شركة لاستيراد الإطارات والنضائد، فما هي الأموال التي يجب عليهم زكاتها من الشركة؟ وكيف تخرج زكاتها؟ علما أن هذه الأموال تشمل السيولة النقدية في الخزينة، والنقود في حساب الشركة بالمصرف، والعملات الأجنبية، والبضائع الموجودة بالمخزن، إضافة إلى ذهب يتم شراؤه وبيعه أحيانًا.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الزكاة لا تجب على الشركة من حيث هي جهة اعتبارية، بل تجب في مال الشركاء كلٌّ على حدته، قال البراذعي رحمه الله: “قَالَ مَالِكٌ: وَالشُّرَكَاءُ فِي كُلِّ حَبٍّ يُزَكَّى أَوْ تَمْرٍ أَوْ عِنَبٍ أَوْ وَرِقٍ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ مَاشِيَةٍ فَلَيْسَ عَلَى مَنْ لَمْ تَبْلُغْ حِصَّتُهُ مِنْهِمْ مِقْدَارَ الزَّكَاةِ زَكَاةٌ” [التهذيب في اختصار المدونة: 1/475]، فيُحسب نصيب كلِّ شريك مما ينوبه من أموال الشركة وما عليها من ديون، كما لو أنّ الشركة فضّت، ثم ينظر كل واحد من الشركاء إلى الديون التي عليه، فإن كان عنده ما يسددها به من أموال لا تجب فيها الزكاة -كالعقارات ونحوها من العروض- فتعد هذه الديون كالعدم؛ لا يخصمها عند حساب النصاب، قال الدردير رحمه الله: “(وَ) لَا فِي مَالِ (مَدِينٍ) إنْ كَانَ الْمَالُ عَيْنًا كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَلَيْسَ عِنْدَهُ مِنْ الْعُرُوضِ مَا يَجْعَلُهُ فِيهِ” [الشرح الكبير: 1/495]، قال الدسوقي رحمه الله: “أَمَّا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْعُرُوضِ مَا يَجْعَلُهُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ كُتُبًا فَإِنَّهُ يُزَكِّي تِلْكَ الْعَيْنَ” [حاشية الدسوقي: 1/495]، ثم يضم كل شريك ما صح له من مال الشركة الذي يجب فيه الزكاة إلى ماله الخاص، فإن اجتمع له من الجميع نصاب وحال عليه الحول، وجبَ عليه إخراج الزكاة عن المال كله.
وأموال الشركة التي تجب فيها الزكاة هي الذهب والنقود، بأيّ عملة كانت، وسواء كانت النقود في الخزينة أو في حساب الشركة بالمصرف، وكذلك عروض التجارة، وهي الإطارات والنضائد التي تبيعها الشركة، فتقوّم بسعر الجملة، الذي يمكن أن تُباع به في وقت الزكاة.
ويجوز إخراج زكاة العملات الأجنبية من عينها، أو قيمتها على حسب سعر السوق الموازي يوم الإخراج، قال الزرقاني رحمه الله: “(وَجَازَ) فِي الزَّكَاةِ (إِخْرَاجُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ) لَزِمَهُ زَكَاتُهُ (وَعَكْسُهُ)… وَعَلَّقَ بِإِخْرَاجِ قَوْلَهُ (بِصَرْفِ وَقْتِهِ) أَيْ الإِخْرَاجِ وَلَوْ بَعْدَ وُجُوبِهَا بِمُدَّةٍ ” [شرح الزرقاني: 2/321]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم بن سليم الشوماني
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
16//ذو القعدة// 1441 هجرية
06//07//2020م