زيادة أسعار السلع مقابل زيادة سعر الدولار
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3188)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
اشتركتُ أنا وشخص آخر في تجارة بيع وشراء الملابس، وبدأنا شركتنا بمبلغ قدره (تسعون ألف دينار)، وقمنا بشراء (ثلاثين ألف دولار) من السوق السوداء، حيث كان سعر الدولار في ذلك الوقت (ثلاثة دينارات)، وقمنا باستيراد الملابس، وحدّدْنا سعر البيع على هذا الأساس، وبعد فترة من الزمن طلب مني شريكي تعديل أسعار البيع، بما يتوافق مع زيادة سعر الدولار في السوق الموازية، فالقطعة التي كانت تكلفنا 9 دينارات في السابق، أصبحت تكلف اليوم 18 دينارا، ولهذا وجب علينا تعديل أسعار البيع بما يتناسب مع هذه الزيادة، وحجته في هذا هو المحافظة على رأس المال، فقيمة النقد الأجنبي اليوم زادت إلى الضعف.
فهل يجوز لنا زيادة الأسعار بما يتناسب والزيادة الحاصلة في السوق الموازي؟ علمًا بأن هذا السوق هو مصدر رأس المال.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فقد ذكر صلى الله عليه وسلم عن التاجر المسلم أنه مؤتمن، وأنه إذا صدق ونصح المسلمين حلّت البركة في ماله، قال صلى الله عليه وسلم: (الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا) [البخاري: 1973، مسلم: 1532]، ودَعَا صلى الله عليه وسلم لمن كان سهلا في بيعه رفيقًا بالناس بالرحمة، فقال صلى الله عليه وسلم: (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى) [البخاري: 1970]، ومَن أعان الناس وقت الشدائد، ولم يغلِ عليهم الأسعار، أعانَه الله وقت الشدائد، قال صلى الله عليه وسلم: (وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) [مسلم: 2699]، وقال صلى الله عليه وسلم: (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ) [الترمذي: 1924]، فما دمتم قد اشتريتم بالرفقِ فبيعوا بالرفقِ، فإن الرفق ما دخل شيئًا إلّا زانَه، وما نزع من شيءٌ إلّا شانَه.
ولا ينبغي للتاجر أن يغير أسعاره كلما ارتفعت العملة الأجنبية، بل ينبغي له أن ينظر إلى ما خرج من يده بالعملة المحلية، ويضيف إليه ربحًا مناسبًا، ويبيع ولا يتشدد، فإنه إذا فعل ذلك واحتسب عمله بارك الله له في ماله، فاستمر له نماؤُه، ولا يصيبه المحق والزوال، إذا أصاب غيره ما يكره، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
25/ربيع الآخر/1438 هـ
23/يناير/2017م