بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5859)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
ما هي قيمة مؤخر الصداق المقدر بـ50 ليرة ذهبًا؟ حيث جاء في وثيقة عقد النكاح: (على صداق قدره: ثلاثة آلاف دينار ليبي وخمسون ليرة ذهب قيمة الصداق، الحال منه: ثلاثة آلاف دينار ليبي قيمة مصوغ وملبوس ومفروش، والمؤجل منه: خمسون ليرة ذهب “ليبية” بذمة الزوج يحل أجلها بعد خمس سنوات)، وهل تؤخذ قبل تقسيم التركة؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإنّ المهرَ المؤجّل دَين في ذمّة الزّوج لزوجته، ويجب دفعه عند حلول أجله، المتّفقِ عليه في العقد، وإذا لم يُوفّه الزّوج إلى أن توفّى؛ فيجب أداؤه قبل قسمة التّركة؛ لأنه دين في ذمة الميت، والله تعالى يقول في قسمة الميراث: (مِنۢ بَعۡدِ وَصِيَّةٖ يُوصَىٰ بِهَآ أَوۡ دَيۡنٍ) [النساء: 11].
والمهر إن كان مكتوبًا ليرات ذهب كما جاء في السؤال، فالثّابت للمرأة قبض المهر ليراتٍ من ذهب، ولا يلزمها غير ذلك؛ لأنّها عين الدّين.
ويجوز دفعها بالقيمة إذا تراضي عليها الورثة مع الزوجة؛ لأنّ هذا عقد مصارفة جديد، والعقود شرطها الرّضا بالإجماع؛ لقول النّبي صلى الله عليه وسلم: (لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) [أحمد: 20695]، بشرط أن يتم دفع القيمة في مجلس الاتّفاق دون تأخير، بالسّعر الّذي يتّفقان عليه دون إكراه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذّهَبُ بِالذّهَبِ، وَالْفِضّةُ بِالفِضَّةِ… مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) [مسلم: 1587].
عليه؛ فإن كان الحال ما ذكر، فاللازم في مال الزوج المتوفى دفع (50 ليرة ذهبيّة) كما هو موجود بالعقد، واللّيراتُ وزن الواحدة منها كما هو متعارف 8 جرامات من الذهب عيار 21، ويتم شراؤها مِن مال المتوفى قَبلَ قَسْمة التركة بين الورثة، وإذا لم يكن في التركة مال متوفر وقت الصرف بقيمة الليرات كلها في وقت واحد، ويتوقع حصول المال لهم فيما بعد، فالواجب صرف ما يقدرون على دفعه من عدد الليرات حالًّا، وما لا يقدرون عليه يجب أن يبقى ليرات دينا على التركة ذهبا، لا قيمتها نقوداً؛ لئلّا يؤدّي إلى الصرف المؤخر، وذلك إلى أن يتأتى لهم سدادها، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
30//جمادى الأولى//1446هـ
01//12//2024م