طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالهبة

شرط إمضاء الهبة الحيازة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (942)

 

  ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

           توفي جدي، وترك ثلاث بنات من إحدى زوجاته، وبنتين، وثلاثة أولاد من زوجته الأخيرة، توفي اثنان منهم في السجن، وبقي الثالث في السجن إلى ما بعد وفاة جدي، قام جدي بكتابة بعض ممتلكاته لاثنين من بناته من الزوجات الأول، بيعاً وشراءً، كحصص مفروضة من إرثهم في أمهاتهم، ووهب بعض أملاكه الأخرى لأولاده وبناته من زوجته الأخيرة، وقد قام الموهوب لهم بالتصرف في الهبات في حياة جدي بالبيع، وبعض من وهب لهم مات في حياة الوالد، والآن زوجة جدي الأخيرة تدعي بأن جدي أوصى لها ولأبنائها بالتركة، ولم تطلعنا على أية وثائق أو شهادات تثبت دعواها؛ فما حكم الهبات التي وهبها جدي؟ وما حكم دعوى زوجة جدي بأنه قد أوصى لها ولأبنائها بكامل التركة؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

            أما بعد:

          فالهبات المذكورة – إن تمت حيازتها وقبضها والتصرف فيها تصرف المالك قبل موت الواهب – صحيحةٌ، نافذةٌ شرعاً؛ لحديث عائشة رضي الله عنه: “أنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه كَانَ نَحَلَهَا جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ بِالْغَابَةِ؛ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، قَالَ: وَاللَّهِ يَا بُنَيَّةُ، مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ غِنىً بَعْدِي مِنْكِ، وَلا أَعَزُّ عَلَيَّ فَقْراً بَعْدِي مِنْكِ، وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا؛ فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزْتِيهِ كَانَ لَكِ، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ، وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ؛ فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ، وَاللَّهِ لَوْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لَتَرَكْتُهُ، إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ؛ فَمَن الأُخْرَى؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ذُو بَطْن بِنْتِ خَارِجَةَ، أُرَاهَا جَارِيَةً” [الموطأ: 436]، فاشترط أبو بكر الصديق عليها حوزها قبل موته لتمام الهبة.

           وما قالت الزوجة: إنه تمت الوصية لها به ولأبنائها من الزوج؛ إن قبضته في حياة الزوج، وتملكته، فهو صحيح، وإن بقي عند الزوج إلى أن مات، فهو وصية باطلة، ولو تبثت بالوثائق؛ لأنها وصية لوارث، وقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن اللهَ أعطى كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، فلا وصيَّةَ لوارثٍ) [أخرجه أحمد 267/5]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                                 مفتي عام ليبيا

15/ربيع الآخر/1434هـ

2013/2/25

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق