طلب فتوى
البيعالفتاوىالمعاملات

شرط تحمل نقصِ السعرِ للمشتري في العقد يفسدُه

المخاطرة والغرر في عقود البيع

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (4078)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أشتري الإسفنج من المصنع، وبعد انعقادِ البيعِ وتحديدِ الثمنِ يلتزمُ صاحبُ المصنع بنفسه دون شرط – على ما هو متقرر بين التجار – أنه إن نزلَ السعرُ عوضَني في الفرقِ؛ فيحسب لي سعر البضاعة – حينما أشتري منه مرة أخرى – على السعر الجديد، ويخصم الفرق منه، فما الحكم؟

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه..

أمّا بعد:

فإن كان الحال كما ذكر، من أن عادة مصانع الإسفنج تحمّل نقص السعر للمشتري، فهذا يعدّ كشرط ذلك في العقد؛ لأنّ المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا، وشرطُ تحمل نقصِ السعرِ للمشتري في العقد يفسدُه، ويجعلهُ مِن عقود المخاطرة والغرر، التي نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عنها. [ينظر مسلم: 1513]، قال الإمام مالك رحمه الله: “فِي رَجُلٍ بَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ لَا نُقْصَانَ عَلَى الْمُبْتَاعِ، إِنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ غَيْرُ جَائِزٍ، وَهُوَ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِرِبْحٍ إِنْ كَانَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ وَإِنْ بَاعَ بِرَأْسِ الْمَالِ أَوْ بِنُقْصَانٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَذَهَبَ عَنَاؤُهُ بَاطِلًا، فَهَذَا لَا يَصْلُحُ، وَلِلْمُبْتَاعِ فِي هَذَا أُجْرَةٌ بِمِقْدَارِ مَا عَالَجَ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا كَانَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ مِنْ نُقْصَانٍ أَوْ رِبْحٍ فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ وَبِيعَتْ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ فُسِخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا” [الموطأ: 4/962]، قال ابن عبد البر رحمه الله معلقًا: “هَذَا الْبَيْعُ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِيهِ مَجْهُولٌ [لِشَرْطِ] الْبَائِعِ لِلْمُبْتَاعِ أَنَّهُ مَا خَسِرَ فِيهِ وَانْحَطَّ مِنْ ثَمَنِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ وَذَلِكَ فِي عَقْدِ صَفْقَتِهِ فَهُوَ بَيْعٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ يَؤُولُ إِلَى ثَمَنٍ مَجْهُولٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ لَهُ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ، فَهِيَ عِدَةٌ وَعَدَهُ بِهَا، وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي وُجُوبِهَا وَالْقَضَاءِ بِهَا” [الاستذكار: 6/459]، أي هذا إذا لم يكن شرط أو عرف وإلا فالبيع فاسد ويجب رده، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد ميلاد قدور

عبد الدائم بن سليم الشوماني

 

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

03// جمادى الآخرة// 1441هـ

29// 12// 2019م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق