طلب فتوى
الآداب والأخلاق والرقائقالفتاوى

صلة الرحم

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (1600)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

لنا بنات أخ لا يصِلنَنا، ولا يسئلن عنا، وعلاقتنا بهنّ سيئة، ومع أبيهنّ ممتازة، فبماذا تنصحوننا؟ وهل نخبر أباهنَّ بهذه القطيعة؟وهل نقاطعهنّ مقاطعة اهتمام، وذلك بأن نعاملهنّ معاملة أصدقاء؟ نرجو منكم أن توجهوا لنا نصيحة بهذا الخصوص.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن قطع الرحم حرام، قرنه الله تعالى بالفساد في الأرض، قال تعالى: ﴿فَهَلْ عَسِيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ﴾ [محمد:22]، وقال صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنة قاطع رحم” [مسلم: 2556]، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال صلى الله عليه وسلم: (لئِن كنتَ كما قُلتَ فكأنما تُسفّهم الملَّ، ولا يزالُ معك مِن الله ظهيرٌ عليهم، ما دُمت على ذلك) [2558]، والملُّ: الرمادُ الحار.

وصلة الرحم ليست من باب المكافأة، ولا المعاملة بالمثل، بل هي أمر مطلوب شرعًا مِن كل أحد، ومَن قَطع رحمه لا يَسقط حقه في أن يُوصَلَ، فقد ثبت في صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليسَ الواصلُ بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قُطعت رحمُه وصلَها) [5645].

فالأفضل لكم أن تستمروا في مواصلة بنات أخيكم وإن قطعنكم، ولكم بذلك أجر عظيم عند الله تعالى، وليس في ذلك مذلة لكم، ولا إهانة لكرامتكم؛ بل إنكم إن فعلتم ذلك – تواضعًا لله تعالى وابتغاء المثوبة عنده – زادكم عزا ورفعا لقدركم عنده وعند الناس، فقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (… وما زادَ الله عبدًا بعفو إلّا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه) [2588].

ولعله بحسن خلقكم وتواضعكم، يشرح الله صدورهن للحق، فيتركن مقاطعتكم، فقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [فصلت:34-35]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد محمد الغرياني

محمد الهادي كريدان

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

5/صفر/1435هـ

2013/12/8م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق