بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5712)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
ما حكم العملِ موظَّفَ مبيعاتٍ في وكالةٍ لبيع السيارات، حيث تبيعُ الوكالة بعض سياراتِها مرابحةً للآمرِ بالشراءِ، عن طريقِ المصرف، وبعضُ الزبائنِ لا يستطيعُ شراءَ السيارة مرابحةً لعدمِ إمكانيةِ تغطيةِ مرتبهِ القسطَ الشهري؛ فيلجأُ إلى أن يقترِضَ من تاجرٍ مبلغًا يُغطي به النقصَ؛ ليتكمنَ من شراء السيارةِ مرابحةً، فإن كان ثمن السيارة من المصرف مائة ألف مثلًا، ويحتاجُ الزبون ثلاثين ألفًا مثلًا؛ لتتم عملية الشراء؛ فمرتبه يكفي لسدادِ سبعينَ ألفًا فقط، فيقترِضُ الثلاثين ألفًا من تاجرِ سياراتٍ، على أن يسددَها بعد أن تَنتهيَ الإجراءاتُ مع المصرف، وبعد أن يبيعها للتاجر نفسه، أو لغيره من التجارِ إن تحصلَ على ثمن بيعٍ أعلى، فالتاجر أقرضَ الزبون على أن يبيعَ له السيارة بعد ذلك، لكن البيعَ للتاجر المُقرِض ليس شرطًا، فالزبون بإمكانه أن يبيع السيارة لتاجرٍ آخر، والربطُ بين التاجر والزبون يكون عن طريق قسم المبيعاتِ بالوكالة، أو عن طريق موظف المبيعاتِ بشكل شخصيٍّ، دون تدخل الوكالة، وله أجرٌ ثابتٌ نظير ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالقرضُ يُشترطُ لجوازه أن يتمحَّضَ فيه النفعُ للمقترِض، فإن انتفع المقرِضُ حرُمَ القرض؛ فكل سلفٍ جرَّ نفعًا فهو رِبًا، قال ابن رشد رحمه الله: “… فَهْوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، إِذْ لَا يَحِلُّ السَّلَفُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمُسْلِفُ مَنْفَعَةَ الَّذِي أَسْلَفَهُ خَالِصًا ِلِوَجْهِ اللهِ خَاصَّةً، لَا لِنَفْسِهِ، وَلَا لِمَنْفَعَةِ مَنْ سِوَاهُ” [البيان والتحصيل: 108/7]، والتاجر لم يُقرِضِ الزبون لوجه الله، وإنما لمنفعته الخاصة، وهي أن يشتريَ منه السيارة.
وإن باعَ الزبون السيارة للتاجرِ اجتمع بذلك بيعٌ وسلفٌ، واجتماع البيع والسلف ممنوعٌ شرعًا، فقد نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ. [الموطأ: 69].
عليه؛ فإقراضُ التاجر للزبون محرمٌ شرعًا؛ لانتفاعِ التاجر المقرِضِ بإقراضه للزبون، ولاجتماع بيع وسلفٍ، ولا يجوز للموظف في وكالة السيارات أن يربط بين التاجر والزبون؛ لأنه من التعاون على المعصية، والله تعالى يقول: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2]، لكن أصل عمل الموظف في الوكالة لا حرج فيه إذا خلا من الموانع، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
أحمد بن ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
09//محرم//1446هـ
15//07//2024م