بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5970)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أنا (م)، من بلدية ق خ، لا أملِكُ فيها إلا حصةً من بيت صغيرٍ موروث عن أبي، تقيمُ فيه أمي وأختي، فسكنتُ بالإيجار في طرابلس من سنة 2011م إلى سنة 2022م، ثم اشتريْتُ في سنة 2020م قطعة أرض مساحتها ثلاثمائة متر مربع، في منطقة ع ز، وبنيْتُ عليها منزلًا من طابقين، لكني لم أُكمِلْه؛ لقلة ذاتِ اليد، ثم دخلتُ في تجارة مع (ع، وح)، حيث تحصلتُ على خمس شاحنات بثلاثمائة ألف دينار؛ لنقل القمامة، لكن المشروع لم يحقق ربحًا؛ فاضطررتُ لبيع منزل ع ز بخمسمائة ألف دينار لسداد الديون سنة 2022م، وكُنتُ أسكُنُ آنذاك بالإيجار، فأدَّيتُ ما عليَّ من ديون، وبقي عندي مائتا ألف دينار، زرعْتُ بها ثلاثمائة قنطار من البطاطا، لكنها لم تنجح، وخسِرتُ كل مالي، ثم ذهبت زوجتي ووالدها إلى المحكمة الجزئية بتاجوراء، واتهمتني بإخراجها من بيت الزوجية، فأصدر القاضي حكمًا ولائيًّا بتمكينها من منزل ع ز، ثم سكنت هي وأولادنا في الطابق الثاني بعد أن أكمله والدها، ولا تريد الخروج منه منذ سنتين، والمشتري يريدُ إخراجها؛ لأن المنزل ملكه، وقد عرضه للبيع، فهل يحِقُّ لي الأخذ من الزكاة على أني غارمٌ؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ من مصارف الزكاة الفقراء والمساكين، والفقير والمسكين هو الذي لا يكفيه دخله لحاجاته الأساسية؛ كالأكل والشرب والمسكن واللباس، وغيرها من الحاجيات، فيجوز دفعها لمن هذا حاله، ولا يجوز إعطاؤها ولا أخذها لأجل الكماليات والتوسع في الإنفاق؛ قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَٰرِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِۖ فَرِيضَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ﴾ [التوبة: 60]، قال الحطاب رحمه الله في شرح كلام خليل رحمه الله: “وَعَدَمُ كِفَايَةٍ بَقَلِيلٍ أَوْ إِنْفَاقٍ أَوْ صَنْعَةٍ، يَعْنِي: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَنْ يَكُونَ عَادِمًا لِلْكِفَايَةِ؛ إِمَّا بِأَنْ لاَ يَكُونَ لَهُ شَيْءٌ أَصْلاً، وَلاَ لَهُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَلاَ لَهُ صَنْعَةٌ، أَوْ يَكُونَ لَهُ شَيْءٌ قَلِيلٌ لاَ يَكْفِيهِ، أَوْ لَهُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ نَفَقَةً لاَ تَكْفِيهِ، أَوْ لَهُ صَنْعَةٌ لاَ كِفَايَةَ لَهُ فِيمَا يَحْصُلُ مِنْهَا” [مواهب الجليل: 342/2].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فلا يحِقُّ لزوجة السائل أن تُقيمَ في البيت الذي باعه؛ لخروجه من ملك زوجها، وانتقاله لملك المشتري، وإقامتها فيه تعدٍّ وغصبٌ؛ فيجب عليها الخروج منه.
وإن كان السائل لا يملك إلا حصةً من بيت موروث، وليس له قدرةٌ على شراء منزل أو بنائه، فيُعطى من الزكاة بقدر ما يؤمن له مسكنا بالحدِّ الأدنى، إما بتوفير إيجار شهري مناسبٍ لحال سكناه، وإما ببناء مسكن يقتصر فيه على ما يقوم بحاجياته الأساسية، دون توسع في الكماليات، أو الزيادةِ على المساحة الضرورية للسكنى، وذلك بعد أن يأخذ حصته من البيت الموروث، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
24//رمضان//1446هـ
24//مارس//2025م