طلب فتوى
الطلاقالفتاوى

طلاق الزوجة لبغضها

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2349)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

تزوجتُ امرأة من جيراننا، قبل عشر سنوات، ولي منها ثلاثة أولاد، وعندما بنيت بها وجدت بها عيبًا، ليس من العيوب الموجبة للرد عند المالكية؛ لكنه نغص عليَّ حياتي، فلا آتيها إلا مغمض العينين، ولا أكاد أنشط لذلك، واشتكيتُ إلى والدَيَّ؛ فأمراني بالصبر عليها، ولكني لم أجد ما يعوضني عن هذا النقص، فلم يحصل بيننا توافق في النواحي الأخرى، وكثرت المشاكل، ولم أجد تعاونًا في ذلك من أهلها، فعزمتُ الآن على طلاقها، فعارضني والداي بشدة، بل قاطعاني، ونهياني عن زيارتهما، بل اتباع جنازتهما، وحجتهما ضياع الأولاد، وإفساد العشرة مع الجيران، ويرى والِدِي أن أتزوج عليها، ولكني لا أحبها لما ذكر، فكيف سأعدل بينهما في المعاشرة ونحوها، خاصة وأني قرأت كلاماً لابن القيم في الطب النبوي أن جماع البغيضة مضر جدا، وأخبرني أحد الأطباء بأنه أضر مما ذكر ابن القيم، فهل يجوز لي طلاقها وإن غضب والديّ؟ وهل هذا من العقوق؟ وإن كان جائزا – كما أظن – هل أكون قاطعًا للرحم بعدم زيارة والديّ؛ لأنهما سيطرداني إن زرتهما، بل يثوران غضبا، مما سيؤثر غالبا على صحتهما؟ وهل يأثم إخوتي إذا لم يذهبوا معي لخطبة امرأة أخرى؛ لأن الخطوبة لا تتم في عرفنا إلا بحضور بعض العائلة؟ علما بأن والدي متعنت جدا، ولا يقبل نصحا في هذا الأمر، حتى من أقاربه وأصدقائه.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن كان الواقع ما ذكر في السؤال، فإن زواجك بثانية ربما يكون هو الأنسب، ومصلحته أرجح؛ فإنك به ترضي والديك، وتحفظ أبناءك، وفي الغالب لن ترضى الزوجة الأولى، وقد تطلب الطلاق فيسقط عنك الحرج؛ قال تعالى: )وبالوالدين إحسانا( [البقرة:83]، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، أن رجلا أتاه فقال: إن لي امرأة، وإن أمي تأمرني بطلاقها، فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضِع ذلك الباب أو احفظه) [الترمذي:1900]، وزواجك دون رضا والديك لا يحصل لك معه ما تبغيه من الاستقرار، مع حصول القطيعة، وتشتت الأولاد.

وأما العدل في المبيت بين الزوجات فالمطلوب أن يقسم الزوج وقته بين نسائه بالعدل، فإذا بات عند الأولى ليلة أو ليلتين، بات عند كل واحدة من نسائه بقدر ذلك، وليس المقصود التسوية في المعاشرة؛ لقوله تعالى: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل)، قال القرطبي رحمه الله: “أخبر تعالى بنفي الاستطاعة في العدل بين النساء، وذلك في ميل الطبع بالمحبة والجماع والحظ من القلب، فوصف الله تعالى حالة البشر، وأنهم بحكم الخلقة لا يملكون ميل قلوبهم إلى بعض دون بعض” [تفسير القرطبي:407/5]، وقال القاضي عياض رحمه الله: “يعنى في محبة القلب وميل الطبع غير المكتسب، وجعلوا حكم الجماع مثله إذا لم يقصد ذلك؛ لاستحسانه لإحداهما دون الأخرى، لكنه إنما ينشط للواحدة أكثر من الأخرى، إذ لا اكتساب له في هذا أيضا، ولا خلاف في القسْم في كونه عندهن ليلًا، وأن يفرد لكل واحدة ليلتها” [إكمال المعلم:341/3]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

محمد الهادي كريدان

أحمد محمد الكوحة

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

14/رجب/1436هـ

03/مايو/2015م

 

 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق