بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2649)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أنا المواطن (و)، طلقت زوجتي (ع)، في حالة غضب شديد، ثم أرجعتها بفتوى، وفي رمضان الماضي كانت زوجتي عند أهلها، فاتصلت بها وأخبرتها أني سآتي إليها في الوقت الفلاني؛ للرجوع إلى البيت، وقبل خروجي وقف أمام بيتي مجموعة مسلحة، وبعد تأكدهم من شخصي أمروني بالذهاب فورا لتطليقِ زوجتي، وقالوا: “عندك لطلاقها ساعتان من الآن، وإلا رصاصة في رأسك”، فذهبتُ، فخرج إليَّ عديلي، وقال: “لن ترجع بها، ونريدك أن تطلقها”، واستفزني بكلام كثير، وأحضرها أمامي، فقلت لها: “حارمة عليّ، وطالق”، فلما أردت المغادرة لم يتركني، يريدُني أن أطلّقها مرة أخرى، وأخذ يستفزني بقوله: “كانك راجل طلقها”، فقلت مغضبا: “طالق طالق”، فما حكم ذلك؟ علمًا بأن لي منها ابنًا، وهي راغبةٌ في الرجوع، ولا مشاكلَ بيننا، وكل ما حصل لا ذنب لها فيه.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن كان الواقع ما ذكر في السؤال، وكان الحامل لك على الطلاق هو الخوف على حياتك فلا يقع الطلاق حينئذ، وتستطيع إرجاع زوجتك، ولا يلزمك شيء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) [ابن ماجه:2121]، وقال الإمام مالك رحمه الله: “لا يجوز طلاق المكره” [المدونة الكبري:57/2]، وقال ابن جزي رحمه الله: “وأما من أكره على الطلاق بضرب أو سجن أو تخويف فإنه لا يلزمه عند الإمامين – أي: مالك والشافعي – وابن حنبل، خلافا لأبي حنيفة” [القوانين الفقهية:151].
وأما إن كنت طلقت باختيارك، ولم تلتفت إلى التهديد، فالطلاق حينئذ واقع.
أما لفظ: “حارمة عليّ” فهو مما اختلف فيه العلماء، والمختار أنه يقع بائنا بينونةً صغرى، وهو رواية عن مالك رحمه الله، وأما الطلقات التي أوقعتها بعد قولك: “حارمة علي”، فلا أثر لها؛ لأنها لم تقع على محل.
وعليه؛ فيجوز لك إرجاع زوجتك بعقد شرعي جديد ومهر وشهود، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
21/المحرم/1437هـ
2015/11/03م