بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4579)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أسكن بالكراء، وطلب صاحب المنزل مني إخلاءه، وكنت أبحث عن منزل آخر، وأحتاج مساعدة زوجتي في الانتقال، وهي تريد العودة للعمل، وأنا لا أريد عودتها الآن، فأردت تخويفها وتهديدها والتغليظ عليها كي لا تذهب، ولم أرد الطلاق، وقلت لها: (كان تمشي للعمل طالق بالثلاث، اصبري قليلا)، ونويت مدة النقل من المنزل، والذي حصل أنها ذهبت اليوم التالي إلى العمل، وخالفتْ أمري، فهل يقع الطلاق؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فالزوج إذا علق الطلاق على أمر فإنه يقعُ بحصول ذلك الأمر، عند جمهور العلماء، من الأئمة الأربعة؛ لمِا جاء عن نافع رحمه الله قال: ” طَلّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ الْبَتّةَ إِن خَرَجَتْ، فَقَالَ ابْنُ عَمَرَ رضي الله عنه: إِن خَرَجَتْ، فَقَدْ بَتّتْ مِنْهُ، وَإِن لَمْ تَخْرُجْ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ” [البخاري معلقا: 7/45]، سواء كان الزوج حال قصد التلفظ جادًّا أو هازلًا، كان للتَّخويف أو غيره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ثُلَاثٌ جِدُّهنَّ جِدٌّ وهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النكَاحُ، والطَلاقُ، والرَّجْعَةُ) [الترمذي: 1184، وقال: حسن غريب].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فالزوج بقوله: (كان تمشي للعمل طالق بالثلاث)، وبخروج الزوجة للعمل اليوم التالي، يكون قد استنفذ الطلقات الثلاث، وبانت منه المرأة بينونة كبرى، قال القرطبي رحمه الله: “قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَاتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى عَلَى لُزُومِ إِيقَاعِ الثَّلَاثِ فِي كلمَةٍ وَاحِدَةٍ…” [الجامع لأحكام القرآن: 3/129]، ولا تحل له زوجته حتى تنكح زوجًا غيره -نكاح رغبة- ثم يطلقها، أو يموت عنها؛ لقول الله تعالى: ﴿فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: 228]، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي امحمد الجمل
حسن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
15//ذي الحجة//1442هـ
25//07//2021م