بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4903)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
كنتُ طلقتُ زوجتي طلاقًا صريحًا، وأرجعتُها إلى عصمتي بعد مدة قصيرة، وبعد سنة ابتُلِيتُ بارتكاب معصية، فأردتُ منعَ نفسي منها، فحلفتُ: “عليَّ الطلاق لن أرجعَ إلى فعلها”، ثم لم ألبثْ أن وقعتُ فيها، فوجدتُ في شبكة الإنترنت فتوى بلزوم كفارة اليمين، فأطعمتُ عشرة مساكين، واسترسلتُ مع زوجتي دون نية إرجاع، حتى كان شهر (1) من العام الجاري، فقلت لها: “إن فعلتِ كذا وكذا تكوني محرمة عليّ”، ففعلَتْه، وبقينا معًا في البيت دون أن أمسّها، حتى كان يوم (27/5) فطلقتُها طلقةً صريحةً، فما هو حكم الشرع؟
الجواب:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ الطلاق المعلّق على شيء؛ يقع بحصول المعلق عليه، فقد جاء عن نافع رحمه الله أنه قال: “طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ” [البخاري: 7/45]، ويجوز للزوج إذا طلق زوجتَه الطلاقَ الرجعيَّ؛ أن يراجعها بقوله: راجعتُكِ، أو رددتُكِ إلى عصمتي، ما لم تخرج الزوجة من العدة، فإن خرجتْ من العدة ولم يراجعها، فقد بانت منه بينونةً صغرى، فلا تحلّ له إلا بعقدٍ جديدٍ، بِوَلِيٍّ وصداقٍ وشاهِدَيْن.
وحيث إنّ السائل قد باشر زوجته في العدّة دون نيّة، فإن مباشرته تعدُّ رجعةً على قول ابن وهب رحمه الله؛ حتى لا يؤثّم بالمعاشرة الحرام، ولمَّا كانت هذه رجعتَها من الطلقة الثانية؛ فإن قوله لزوجته: “إن فعلتِ كذا وكذا تكوني محرمة عليّ”؛ يلزم منه وقوع الطلقة الثالثة بفعل الزوجة المحلوفَ عليه، وبهذا استوفى الزوجُ طَلَقَاتِهِ الثلاث، وبانتْ منه زوجته بينونةً كبرى، فلا تحلّ له حتى تنكح زوجًا غيره، قال عز وجل: (فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوۡجًا غَيۡرَهُۥۗ) [البقرة: 230]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
14//ذي الحجة//1443هـ
13//07//2022م