طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوىالنكاح

طلاق بائن بينونة كبرى

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5791)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أنا (ع ف) تزوجتُ من (ج م)، وهو متزوجٌ من قبل، وله أولاد، وقد حصل الزفاف بتاريخ: 00/ 00/ 2024م، وكنت حائضًا، ولم أغتسل حتى صباح اليوم التالي، وحصل الجماعُ بعد ذلك، ثم خرج من البيت ولم يَعُدْ، وعندما اتصلت به أخبرني أنه ذهبَ لمنزل أبنائه، وقال: كلمي أهلك ليُرجعوك، وجعل يقول لي مرة: إنه لم يرتح في البيت، ومرة يقول: بناتي لا يرغبن فيكِ، مع أنه كان ينفي وجود أي رفض لزواجنا من قبل أولاده، ثم جاء في اليوم التالي، وقال لي: أنت طالق طالق، مرتين، فما هو الحكم الشرعي في هذا الطلاق؟ وما هي الحقوق المترتبة لي؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن طلاق الرجل امرأته لغير حاجة وسبب؛ مكروهٌ شرعًا، والقولُ في الطلاق – من حيثُ إيقاعُه وعددُه – للزوجِ، فإذا أقرَّ بالطلاق وذكر عدده؛ لزمَه ما أقرّ به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ) [ابن ماجه: 6354]، ويلزم من تكرار الطلاق ثلاثًا حصولُ البينونةِ الكبرى، ما لم يقصد بالتَّكرار التأكيد.

وحصولُ الخلوةِ الشرعية بين الزوجينِ كافٍ في ثبوتِ العدة، وتكون الخلوة بانفرادِ الزوجين مع غلق باب، أو إرخاءِ ستر عليهما، وكذا الانفراد بالزوجة بعيدًا عن أعين الناس، فتعتبر بهذا مدخولًا بها، ويترتبُ على ذلك ثبوتُ عدة الطلاق، قال الحطاب رحمه الله: “تَعْتَدُّ امْرَأَةٌ بِخَلْوَةِ بَالِغٍ، أَيْ: بِسَبَبِ خَلْوَةِ بَالِغٍ، وَهْيَ (أَيْ: الخلْوَةُ) إِرْخَاءُ السُّتُورِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ خلْوَةٌ لَا عِدَّةَ” [المواهب: 3/415]، وللمطلقةِ حقُّ السكنَى مُدَّةَ عِدَّتِهَا؛ لقوله تعالى: ﵟ(يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحۡصُواْ ٱلۡعِدَّةَۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمۡۖ ‌لَا ‌تُخۡرِجُوهُنَّ مِنۢ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخۡرُجۡنَ إِلَّآ أَن يَأۡتِينَ بِفَٰحِشَةٖ مُّبَيِّنَةٖۚ) [الطلاق: 1].

ولها بالخلوة  على زوجها الصداق كاملا، إذا ادعتِ المسيسَ، مع يمينها، قال التسولي رحمه الله: “وَمَعْنَاهُ أَنَّ الزَّوْجَ إِذَا خَلَا بِزَوْجَتِهِ خَلْوَةً يُمْكِنُ شَغْلُهُ مِنْهَا، وَإِن لَمْ يَكُنْ هُنَاكُ سِتْرٌ وَلَا غَلْقُ بَابٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ تِلْكَ الخَلْوَةِ… فَادَّعَتْ هِيَ الْمَسِيسَ، وَادَّعَى هُوَ عَدَمَهُ، فَإِنَّ الْقَوْلَ لِلزَّوْجَةِ بِيَمِينِهَا لِلْعُرْفِ؛ إِذْ قَلَّ أَن يُفَارِقَهَا قَبْلَ الوَطْءِ، وَتَسْتَحِقُّ جَمِيعَ مَهْرِهَا الحَالَّ، أَوْ مَا حَلَّ مِنْهُ عِنْدَ حَلِفِهَا، وَأَمَّا المُؤَجَّلُ فَتَسْتَحِقُّه عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ” [البهجة: 1/591].

وعليه؛ فإنْ كانَ الحالُ كما ذكر؛ فقد وقع الطلاق الذي أقرّ به الزوج، وقد بانت منه زوجته بينونةً كبرى، فلا تحلّ له حتى تنكح زوجًا غيره، إذا لم ينو بتَكرار الطلاق التأكيد، ويلزم المرأة أن تعتدّ من هذا الطلاق، ولها حق السكنى مدة العدة، ويثبتُ لها كاملُ الصداق، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

20//ربيع الأول//1446هـ

23//09//2024م  

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق