بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1178)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أنا المواطن (ح)، أفيدكم بأني قد طلقت زوجتي ثلاث مرات، وكانت هذه الطلقات على النحو التالي:
الأولى: كنت غاضبا غضبا شديدًا حتى إني قمت بضربها، ولم أشعر بذلك إلا عندما أخبرتني زوجتي بها.
والثانية: كنت أيضا غاضبًا بسبب تصرفات زوجتي وعنادها لي، وقفلها البيت علي.
والثالثة: حصل شجار بيني وبينها فقلت لها: “أنت طالق سبعة مليون مرة”، فما هو الحكم الشرعي في هذه الطلقات، علمًا بأن سبب هذه المشاكل هو أني كنت أشرب الدخان، والحشيش، وتركتهما ولله الحمد؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالطلاق عند الغضب يقع ويلزم، إن كان الغضب غضبًا معتادًا؛ لأن الإنسان أثناء الغضب المعتاد مكلف، تلزمه فيه تصرفاته، ولو كان الغضب شديدًا، قال الصاوي في بلغة السالك: “يلزم طلاق الغضبان، ولو اشتد غضبه، خلافًا لبعضهم، وكل هذا ما لم يغب عقله، بحيث لا يشعر بما صدر منه، فإنه كالمجنون” [351/2]، بل إن الزوج بقوله في الطلاق الثالث: “أنت طالق سبعة مليون مرة”، يكون قد استنفد الطلقات الثلاث، وبانت منه امرأته بينونة كبرى، فلا يحل له ترجيعها إلا أن تنكح زوجًا آخر ثم يطلقها؛ لقول الله تعالى: )فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ([البقرة:230]؛ فعن عنترة عن أبيه قال: “كنت جالسًا عند ابن عباس، فأتاه رجل فقال: يا ابن عباس، إنه طلق امرأته مائة مرة، وإنما قلتها مرة واحدة، فتبينُ مني بثلاث أم هي واحدة؟ فقال بانت بثلاث، وعليك وزر سبعة وتسعين” [مصنف ابن أبي شيبة: 17803]، وقال ابن عبد البر رحمه الله: “وأجمعوا أن من طلق امرأته طلقة أو طلقتين، فله مراجعتها، فإن طلقها الثالثة، لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره” [الاستذكار:158/18]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
3/جمادى الآخرة/1434هـ
2013/4/24