بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1275)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
طلبت من زوجي الطلاق، وأصررت عليه، فأرسل رسالة بالنقال كتب فيها “أنت طالق عشرين مرة”، ثم اتصل وقال لي نفس العبارة، فقلت له طلقني أمام أبي، فطلقني أمامه بقوله: “ابنتك مطلقة مطلقة”، ثم توفي بعد ذلك بعشرة أيام تقريبا، فماذا يلزمني؟ علما بأنه كان مريضا بالفشل الكلوي بسبب الخمر المسموم.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإذا كان الواقع ما ذكر في السؤال، فإن الزوج بكتابته وقوله: “أنت طالق عشرين مرة” يكون قد استنفد الطلقات الثلاث، وبانت منه امرأته بينونة كبرى، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه أتاه رجل فقال: يا ابن عباس، إنه طلق امرأته مائة مرة، وإنما قلتها مرة واحدة، فتبينُ مني بثلاث أم هي واحدة؟ فقال بانت بثلاث، وعليك وزر سبعة وتسعين”[مصنف ابن أبي شيبة: 17803]، وكذلك لو اعتبرناها طلقة واحدة، تكون قد بانت منه؛ لأنه طلقها ثانية في اتصاله، ثم الثالثة أمام أبيها، ومن طلق زوجته طلاقا بائنا في حال صحته، ثم مات أثناء عدتها، فإنها تكمل عدة الطلاق، ولا تنتقل إلى عدة الوفاة، ولا ترث منه، ولا تُحِدّ عليه، فإن كان طلاقها في مرض موته المخوف (كما في السؤال)، ثم مات، ثبت لها الميراث، ولا تُحِدُّ عليه، وتستمر في عدة الطلاق، وتبدأ عدتها من يوم أرسل الطلاق بالنقال، ولا يؤثر على حكم ثبوت الميراث كونها طلبت الطلاق وأصرت عليه؛ لأنها لو كانت مخيرة أو مُمَلَّكة فأوقعت الطلاق بائنا ثبت لها الميراث، وكذلك لو علق الطلاق البائن فأحنثته في مرضه الذي مات فيه، قال الخرشي رحمه الله: “فإن الزوج إذا خير زوجته أو ملكها أمر نفسها في مرضه المخوف أو في صحته، فاختارت نفسها في المرض، فإنها ترثه إذا مات من مرضه ذلك طال مرضه أو قصر… والموضوع أنها أوقعت طلاقا بائنا في التخيير والتمليك في مرضه لا رجعيا… والمشهور أن الرجل إذا قال لزوجته في صحته أو في مرضه: إن دخلت دار فلان – مثلا – فأنت طالق، فدخلتها في المرض فإنه يلزمه الطلاق وترثه … سواء كان التعليق في المرض أو في الصحة وأولى لو أحنثه غيرها”[شرح الخرشي:18/4]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
محمد الهادي كريدان
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الغرياني
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
11/رجب/1434هـ
2013/5/21م