بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3054)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أنا محامي الأخ (ع)، مصري الجنسية، وهو متزوج، وله من زوجته بنتان وابن، قام موكلي أخيرا بطلاق زوجته أمام محكمة السواني الجزئية بالتراضي، وذكر الزوج في المحضر أنّ هذا الطلاق هو الثالث، ودون معرفةٍ بكيفية الطلاق الأول والثاني قضت المحكمة بوقوع الطلاق الثالث.
علمًا بأن طلاقه الثاني كانَ عبارة عن حلف، بأن قال: (عليَّ الطلاق لن أكلمَ ابنتي بالهاتف)، وذلك منعًا للمشاكل، وبعد مرور سنوات ردّ على اتصالٍ هاتفي من رقم لا يعلمُه، ثم اتضح له أنها ابنته، وأخبرته بأنها قد تزوجت وأنجبت، فما حكم هذا الطلاق؟ وهل يجوز له أن يراجع زوجته، إذا كان طلاقه هذا لا يقع؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ الطلاق المعلق على شيء، مثل: (عليَّ الطلاق لن أكلم فلانًا)، ونحوه، يقع إذا وقع المعلَّق عليه، عند جماهير أهل العلم، من المذاهب الأربعة وغيرها؛ لما جاء عن نافع أنه قال: “طلّق رجلٌ امرأته البتّة إن خرجت، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: إن خرجتْ، فقد بتّت منه، وإن لم تخرج، فليس عليه شيء” [البخاري:7/45]، ولا فرق في وقوع الحِنث عليه ولزوم الطلاق – عند جمهور العلماء – بين ما إذا كان قد فعل المحلوف عليه عامدًا أو مخطئا أو ناسيًا؛ لِأَنَّهُ فَعلَ ما حلفَ عَلَيهِ قَاصدًا لِفعلِهِ، ولم يكن نائمًا ولا مجنونًا، فَلَزِمهُ الْحِنثُ، كَالذَّاكِرِ، وكما لو كانت يمينه مُعَلَّقة بِشَرْطٍ لا إرادة له ولا لغيره فيه، فَيَقَعُ الطلاق بِوُجُودِ شَرْطِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ.
ولأنّ الطلاقَ حقُّ آدميٍّ فلمْ يُعذر فيه بالنسيانِ والجهلِ، كإتلافِ المالِ والجنايةِ، فإنّ مَن أتلفَ مالًا لغيرهِ ناسيًا أو جاهلًا لزمهُ ضمانُه، ولا يعذرُ فيه بالجهلِ والنسيانِ.
وعليه؛ فما قضتْ به المحكمةُ من الطلقة الثالثةِ يعدُّ لازمًا، ولا تحلُّ له المرأةُ إلّا أنْ تنكحَ زوجًا غيره نكاحَ رغبة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
02/ذو الحجة/1437هـ
04/سبتمبر/2016م