بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4182)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
طلقت زوجتي أولَ رمضان، بلفظ: أنت طالق طالق، ولم أنوِ بالتكرارِ شيئًا، فما حكم هذا الطلاق؟ وهل لي إرجاعها؟ علما بأني لم أطلق فيما سبق.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالطلاق المكرر يقعُ بعددِ ما كررهُ الزوج، وإن لم ينوِ بتكرارهِ شيئًا؛ لأنّ الكلام المكررَ يحملُ على التأسيس، إلا أن يُنْوَى به التأكيد، قال الخرشي رحمه الله: “إذَا كَرَّرَ الطَّلَاقَ بِلَا عَطْفٍ بِأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: … أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتَ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، طَالِقٌ، طَالِقٌ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْمُبْتَدَأ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ نَسَقٍ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَمَحَلُّ اللُّزُومِ إنْ لَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ” [شرح الخرشي:4/50]، قال العدوي: “(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ) أَيْ: بَلْ نَوَى التَّأْسِيسَ، أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ” [حاشية العدوي على الخرشي:4/50].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر فقد لزمتك طلقتان، ويجوز لك إرجاعها إلى عصمتك ما دامت في العدة، قال تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا﴾ [البقرة:228]، قال ابن عبد البر رحمه الله: “إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ الطَّلَاقَ الَّذِي أَذِنَ اللهُ لَهُ فِيهِ؛ فَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا، مَا دَامَت فِي عِدَّتِهَا، وَإِن كَرِهَتْ، دُونَ صَدَاقٍ، وَلاَ وَلِيٍّ” [الكافي:2/617].
وعليك أن تنتبه لنفسك، وتتجنب الطلاق؛ لأنك إذا طلّقت مرة أخرى فإنّ المرأة تحرم عليك، ولا تحلّ لك حتى تنكح زوجًا غيرك نكاح رغبة؛ لقول الله تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: 229]، ثم قال: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: 230]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
15//شوال//1441 هجرية
07//06//2020م