بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (867)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
هل للمرأة إذا طلبت الطلاق حق في الحضانة والمسكن والنفقة على الأولاد؟ وكم مدة الحضانة إذا كانت لها؟ علما بأن القاضي حكم بالطلاق دون ثبوت الضرر على المرأة؟.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالأصل أن حق حضانة الأولاد الصغار لأمهم دون أبيهم بالإجماع؛ لما رواه أبو داود (2276) أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي)، قال ابن المنذر رحمه الله: “أجمعوا أن الزوجين إذا افترقا ولهما ولد طفل أن الأم أحق به ما لم تنكح” “الإجماع” (ص24)، إلا إذا أسقطتها مقابل خلع، أوسقطت عنها بزواج وغيره، فإذا لم تسقطها كما هو ظاهر السؤال فهي أحق بها سواء كان طلب الطلاق منها أم لا، فإذا أسقطتها انتقلت إلى الجدة أم الأم ثم إلى الخالة، ثم إلى خالة الأم، ثم إلى عمة الأم؛ لأن القرابة من جهة الأم أحق من الأب وقرابته، ثم بعد ذلك تنتقل إلى الجدة من جهة الأب، ثم الأب، والحضانة تستمر إلى البلوغ عند الذكور، وزيد في الأنثى أن تستمر في حضانتها إلى الزواج، ويثبت للمحضون على والده أثناء الحضانة النفقة كاملة من مسكن أو مأكل أو كساء، ويجب عليه ما يستلزم الحضانة بتوفير المسكن للحاضنة، إمَّا بالبقاء بمحل الزوجية، أو أن يوفر لمطلقته الحاضنة محلاًّ آخر على وجه الكراء، وتكون أجرة المسكن على الأب والحاضنة بالاجتهاد، بأن يجعل نصف أجرة المسكن مثلاً على أبي المحضون، ونصفها على الحاضن، أوثلثها على أبي المحضون، وثلثاها على الحاضن، أو العكس، إلاَّ إذا كانت الحاضنة فقيرة، فيجب على الأب إسكانها، أو دفع أجرة المسكن كاملاً إلى انتهاء مدة الحضانة، قال سحنون رحمه الله: (سكنى الطفل على أبيه وعلى الحاضنة ما يخص نفسها بالاجتهاد فيهما، أي فيما يخص الطفل، وما يخص الحاضن) [الشرح الكبير 533/2]، والله أعلم.
وأما دعوى ثبوت الضرر فينظر فيها القضاء.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
22/ربيع الأول/1434هـ
2013/2/3