عقد التحكيم ملزم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3189)
السيد/ وكيل ديوان بلدية (ز)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
فبالنظر إلى مراسلتكم بخصوص الطلب المقدم من السيد/ (ف) بإحالة السؤال التالي إلى دار الإفتاء:
“ما قول مشايخنا أهل العلم في تحكيم شرعي أجري سنة 2002م، والذي قام فيه الطرفان باختيار لجنة تحكيم شرعي؛ للفصل بينهما، وذلك حسب الوثائق التي بأيدي كل فريق، وألزم الفريقان أنفسهم بالتقيد والالتزام بالنتيجة التي تصل إليها لجنة التحكيم، وعددهم خمسة مشايخ، وأربعة شهود، وقد سلّم كل فريق بمستندات الفريق الآخر، وتم الصلح بينهم، ورضوا بنتيجة التحكيم، ووقعوا عليه، وأسقطوا عن بعضهم بعضا جميع الدعاوى والخصومات، فهل التحكيم مستوفٍ لشروطه الشرعية، وملزم لطرفيه؟ وهل يجوز نقضه من أحد الأطراف بعد هذه المدة؟ مع العلم أن التحكيم جاء حكمه بجميع أعضائه الخمسة”. [مرفق صورة من التحكيم والطلب.]
والجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن عقد التحكيم من العقود الجائزة شرعًا، قال تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِنْ يُّرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) [النساء:35]، وحكم المحكمين ملزم لمن حكمهم، ما دام لم يخالف الشرع؛ قال ابن الجلاب رحمه الله: “وإذا حكَّم الرجلان رجلًا فحكم بينهما، فرضي أحدهما بحكمه، وسخطَ الآخر؛ لزمه حكمه؛ إذا كان من أهل العلم، وحكم بما يجوز بين المسلمين، وسواء وافق حكم قاضي البلد أو خالفه، ما لم يخرج بحكمه عن إجماع أهل العلم”[التفريع:258/2]، وقال ابن فرحون رحمه الله: “إذَا حَكَمَ الْمُحَكَّمُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْقُضَ حُكْمَهُ، وَإِنْ خَالَفَ مَذْهَبَهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوْرًا بَيِّنًا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ” [تبصرة الحكام:63/1].
وعليه؛ فإن كان الحال كما جاء في السؤال، مِن أنّ كل الأطراف قد اتفقوا على التحكيم، فإن عقد التحكيم بعد وقوعه والفصل فيه يكون ملزِمًا لكل الأطراف، ويحرُمُ نقضه، ما لم يخالفِ الشرعَ، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
02/جمادى الأولى/1438 هـ
30/يناير/2017م