طلب فتوى
الفتاوىالقرضالمعاملات

ما حكم عمولة الخصم عند الإيداع في المصارف

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (2890)

 

السيد/ المدير التنفيذي لصندوق الزكاة، المكلف.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية طيبة، وبعد:

فبالنظر إلى مراسلتكم بخصوص خصم بعض المصارف ما قيمته (0.003) ثلاثة من الألف، على أي عملية سحب أو إيداع، دون سؤال العميل؛ هل هو موافق أم لا على هذه المعاملة، أو الزيادة فيها عن المتعارف عليه، فما حكم ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالعمولة التي يأخذها المصرف، مقابل خدمة واضحة يقدمها لعملائه؛ كإيداع، وسحب، وإصدار بطاقة، وصكوك، ونحو ذلك، إنما تكون جائزة بشرطين:

الأول: إعلام صاحب الحساب، ورضاه بها قبل خصمها؛ لأنه عقد على أجرة، يشترط فيه رضا الطرفين، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه) [سنن النسائي الكبرى:11325].

الثاني: أن تكون الأجرة مقدرة تقديرا عادلا، خاليا من الاستغلال، بأن تكون العمولة موحدةً، متعارفًا عليها بين المصارف، خاضعةً لرقابة المصرف المركزي، والجهات التنفيذية في الحكومة.

والملاحظ أنها في الوقت الحاضر لا تكون عن تراضٍ بين الطرفين، بل تدخل في شروط الإذعان، التي يفرضها الطرف القوي، وهو المصرف، على الضعيف المضطر، وهو العميل.

لذا؛ فالواجب فيما يتعلق بالعمولات في المصارف – من حيث متى تؤخذ، ومتى لا تؤخذ، ومِن حيث تحديد مقدارها عندما تؤخذ – الواجبُ أن يخضع ذلك كله إلى رقابة صارمةٍ من جهات الاختصاص، بوضع قاعدة موحدة عادلة، تحدد على أساسها العمولات، ويعاقب مَن يخالفها، ولا يترك الأمر في تحديدها للأهواء، والاجتهادات الشخصية، مما يؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل.

وينبغي عند وضع هذه القاعدة للعمولات المصرفية؛ أن يكون مِن بين مَن يُسند إليهم أمرها عضوٌ مِن هيئة الرقابة الشرعية؛ لأنّ بعضَ ما يأخذه المصرف قد يلتبسُ أمره، وتختلط فيه الأجرة بالربا؛ مثل ما يأخذه المصرف على الحوالة المحلية بالعملة نفسها، فهذه لا يحل أن تجعل فيها العمولة مِن ضمن موارد المصرف المالية، بل يجب إذا أراد المصرف أخذ أجرة عليها؛ أن تقتصر الأجرة على التكلفة الفعلية للمعاملة، وأيُّ زيادة على ذلك تدخل في باب الربا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) [مسلم:1587].

وكذلك العمولة المأخوذة على السحب على المكشوف هي ربًا؛ لأنها زيادة على الدَّينِ، نظير الأجل، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

                                                                                  

                                                                         الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

                                                                                   مفتي عام ليبيا

02/رجب/1437هـ

10/أبريل/2016م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق