بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2979)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
قامت السفارة الليبية بماليزيا بفتح حسابات لجميع الطلبة المبتعثين في مصرفcimb) ) الإسلامي، ولكننا نجد بين الفينة والأخرى زيادةً في الرصيد، وقالوا إنها ليست فائدةً، بل هبة غير مشروطة، تعطيها المصارف الإسلاميةُ، في ظلِّ المنافسةِ بينَها وبينَ المصارفِ التقليديةِ، ولاستقطابِ العملاءِ غير المسلمينَ، فهل يجوزُ أخذُ هذه الزيادة، وكيفَ التخلصُ منها؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الحساباتِ الجاريةَ هي المبالغُ التي يودِعها أصحابُها في البنوك، شريطةَ أنْ تردّ بمجردِ الطلبِ، ودونَ توقفٍ على أيّ إخطارٍ سابق مِن أيّ نوعٍ، والبنك لا يحتفظُ بهذه الودائعِ كما تسلّمها، بل يخلطُها بأموالِه، ويجري عليها ما شاءَ مِن التصرفاتِ؛ تداوُلًا وإقراضًا، ويلتزمُ بردِّ بدلِها عندَ الاقتضاءِ.
والحساباتُ الجاريةُ ليس هدفُها الاستثمار، وإنّما حفظ هذه الأموالِ وصيانتِها مِن السرقةِ أو الهلاكِ، وتسهيل التعامل التجاريّ والمعاملاتِ المصرفيةِ الأخرى، التي تقدمُها هذهِ المصارفُ لعملائِها؛ وتعدّ الحساباتُ الجاريةُ مِن أهم مواردِ البنوكِ، فهيَ تستثمرُها في الإقراضِ، وتستقلّ بفوائدِها دونَ المودِعين، فضلًا عن إعانة المصرفِ على زيادة قدرتهِ الائتمانيةِ، فيما يسمّى بخلق النقودِ، واستفادة المصرفِ مِن بيع الخدمات المصرفية الأخرَى لعملائِهِ، الذينَ سيتعاملون غالبًا مع نفسِ المصرف، الذي فتحُوا لديهِ حساباتِهم الجارية في شراءِ هذه الخدماتِ، كما يستفيدُ العملاءُ مِن بعضِ المزايا، ومِن بينها ما جاءَ في السؤالِ.
والتكييفُ الفقهيّ – الذي عليه جمهور الفقهاء المعاصرين – اعتبارُ هذه الودائع التي تودَعُ في الحساباتِ الجاريةِ على أنّها قروضٌ؛ لأنّ يدَ البنكِ عليها يدُ ضمان، وهو ملتزم بردّها عندَ الطلب، وهذه حقيقةُ القروض، وهو الذي قررَهُ مجمع الفقهِ الإسلاميّ بما نصه: “الودائعُ تحتَ الطلبِ (الحسابات الجارية)، سواء أكانت لدَى البنوك الإسلامية أو البنوك الربوية، هي قروضٌ بالمنظور الفقهي، حيثُ إنّ المصرف المستلم لهذه الودائع يده يد ضمان لها، وهو ملزم شرعًا بالردّ عند الطلبِ، ولا يؤثِّر على حكم القرضِ كون البنك (المقترض) مليئًا” [قرار رقم:86(3/9)].
وعليه؛ فلا يجوز للعميل الاستفادة من هذا القرض مطلقًا، ولو كانت في صورةِ هدايا، أو جوائزَ مقدمةٍ من المصارف الإسلامية، التي قد تلجأ إلى ذلك لأجل المحافظة على عملائها، لوجود منافسة من البنوك التقليدية؛ لأنه نوع انتفاع من القرض، وكلّ قرضٍ جرَّ نفعًا فهو ربا.
وعلى العميل عدم قبول هذه الهدايا، فإن أخذها فالواجب التخلص منها بإعطائها للفقراء والمساكين أو صرفها في المشاريع العامة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
23/شعبان/1437هـ
30/مايو/2016م