أجرة المحلات المغتصبة ترجع لأصحابها
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1279)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
في ظل القانون رقم (4) استولت الدولة على عدد من المحلات، وملّكتها لغير أصحابها، فقام بعض الورثة بشراء هذه المحلات من غاصبيها، وعملوا بها واستفادوا منها مدة طويلة، دون باقي الورثة، ثم إن الدولة هدمت هذه المحلات للمصلحة العامة، وعوضت المالكين، وهم جميع الورثة، فهل يجوز للورثة الذين حُرموا من دخل هذه المحلات قبل هدمها المطالبة بنصيبهم، أو رفع دعوى قضائية ضد الورثة الذين اشتروا المحلات، واستفادوا منها قبل هدمها، وضد من ملّكتهم الدولة ظلما ؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن القانون رقم (4) من القوانين الجائرة، التي أباحت ممتلكات الناس ظلمًا وعدوانًا، فاغتصَب بموجبه العديدُ من الناس ممتلكات الآخرين، وكل ما حصل بموجب هذا القانون، مِنْ تَمَلُّكٍ للأملاك بدون رضا أصحابها، يعد باطلاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) [البيهقي:5492]، فعلى مَنْ ملكتهم الدولة هذه المحلات بهذا القانون رد ما أخذوه من ثمن المحلات، مع دفع أجرتها من يوم تملكوها إلى يوم باعوها، قال ابن القاسم رحمه الله: “كل ربع اغتصبه غاصب فسكنه أو اغتله أو أرضا فزرعها، فعليه كراء ما سكن أو زرع بنفسه، وغرم ما أكراها به من غيره، ما لم يحاب، وإن لم يسكنها ولا انتفع بها ولا اغتلها فلا شيء عليه”[التهذيب في اختصار المدونة:89/4].
وما قام به بعض الورثة من شراء المحلات من غاصبيها يبيح لهم الاستئثار بريعها دون باقي الورثة؛ وذلك مقابل عملهم فيها، لكن أجرة المثل لهذه المحلات فترةَ استغلالها حقّ لجميع الورثة؛ لأن هذه المحلات ملك لهم جميعا، و يجوز للورثة المحرومين المطالبة بنصيبهم من أجرة المثل، أو التصالح مع الورثة المستفيدين كيف شاؤوا، ويجب عند النزاع الرجوع في استرداد الحقوق إلى القنوات المعروفة، وما تقرره المحاكم والهيئات المخولة بذلك، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
محمد الهادي كريدان
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
غيث بن محمـود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
16 رجب 1434 هـ
2013/5/26م