طلب فتوى
الأسئلة الشائعةالبيعالفتاوىالمعاملات

قرار البنك المركزي فرض ضريبة على سعر الصرف الرسمي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5589)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

نحن شركةٌ تعملُ في مجال استيراد مواد البناء، ونحتاج بطبيعة عملنا إلى التعاملِ مع مصرف ليبيا المركزي، من أجل فتح الاعتمادات المصرفية، التي قمنا بالتقديم على عدد منها في شهر أكتوبر من العام الماضي (2023)، نظرا للفارق الكبير بين السعر الرسمي للدولار وسعر السوقِ الموازي، ولم نتحصَّل على الموافقة؛ لأن بعض موظفي مصرف ليبيا المركزي يعرقلونَ الموافقة على فتح الاعتمادات، إلَّا إذا دفعَ المتقدِّمُ (20%) من قيمة الاعتماد للموظف، فإنْ دَفَع هذه القيمة جاءه الموظفُ بالموافقة في أسرع وقت، وهو ما عُرض علينا بالفعل، ورفضناه؛ لأنه رشوة صريحة، وكنا طيلة هذه المدَّة نشتري العُملة من السوق، والآن بعد قرار المركزي بفرض الضريبة على سعر الصرف الرسمي أصبحت الاعتماداتُ متاحةً للجميع، وبدون أيِّ عرقلة أو طلب عمولة – كما يسمونها – فتوقَّفنا في ذلك؛ تحرِّيًا للحلال، واتِّـقاءً للشبهات، ولا يمكننا الاستيراد بسعر السوق؛ للفارق بينه وبين سعر المصرف؛ فتعطَّلَتْ تجارتُنا على إثْر ذلك، ممَّا سيؤدِّي إلى خروجنا من السوق، وفقدنا لوكالات عدَّةِ شركاتٍ نعمل معها منذ أكثر من عشرين سنة إن استمرَّ الوضعُ على ما هو عليه، والسؤال: هل يجوز لنا أن نتقدَّم إلى مصرف ليبيا المركزي بطلب لفتح الاعتمادات، بعد قرار فرض الضريبة على سعر الصرف الرسمي؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فقد حرَّم الشارعُ أكلَ أموال الناس بالباطل، قال تعالى: (‌وَلَا ‌تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ)[البقرة: 188]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسلِمٍ إِلَّا بطِيبِ نَفْسٍ منه) [معرفة السنن والآثار: 16484].

وما يطلبه الموظف في المصرف أو غيره على إتمام الإجراءات هو من السحت والرشوة، ومن أكبر الكبائر، ففي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي) [صحيح ابن حبان: 2891]، وسمى العلماء الرشوة سحتا؛ لأنها تهلك صاحبها وتسحت ماله وتمحقه.

أما الضريبةُ التي فرضها مصرف ليبيا المركزي والمجلس الذي يسيطر عليه الظلمة في المنطقة الشرقية؛ على سعر الصرف فهي غصب ومكس من أكل أموال الناس بالباطل؛ لأنَّها تؤخَذ من الناس من غير حق ودون مقابل.

وحكمُ أخذها التحريمُ؛ فلا يجوز فرضُ هذه الضرائب، ولا يجوز للموظف الذي يعمل بالمصرف أن يقوم بإجراء أيِّ عمليَّةٍ مصرفيَّةٍ متعلِّقة بها، والإثم في كل مسائل الغصب هو على الغاصب لا على المغصوب منه؛ لأن المغصوب منه عاجز عن دفع عدوان الغاصب عليه.

ولذا فإن من احتاج لفتح اعتماد أو أخذِ مخصَّصاته من النقد الأجنبي، لأجل الدراسة أو العلاج أو غيرهما، وأجبر على دفع هذه الضريبة فهو معذور ولا حرج عليه، والإثم على من أخذ المكس، وعلى من فرضه وسنَّه.

وعليه؛ فلا حرجَ على السائل ولا على غيره في التقدُّم للحصول على الاعتمادات بعد قرار فَرْضِ الضريبة على سعر الصرف، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

12/ شوال/ 1445هـ

21// 04// 2024م

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق