طلب فتوى
2024البياناتبيانات مجلس البحوث الشرعيةصادر الدار

قرار مجلس البحوث والدراسات الشرعية رقم (2) لعام 1446 هـ بشأن التحاق اليهود المقيمين في بلاد الإسلام بالجيش الصهيوني في الحرب على غزة

قرار مجلس البحوث والدراسات الشرعية رقم (2) لعام 1446 هـ بشأن التحاق اليهود المقيمين في بلاد الإسلام بالجيش الصهيوني في الحرب على غزة

بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ

طُلبَ من مجلسِ البحوث والدراساتِ الشرعيةِ بدار الإفتاءِ الليبية؛ بيانُ حكمِ اليهودِ المستوطِنينَ في بعضَ البلادِ الإسلامية، يحملُونَ جنسيتَها، وفي الوقتِ نفسِه يحملُون الجنسيةَ الإسرائيلية، فهم مُزدوَجُو الجنسية، وبعضُهم مجنَّدونَ، يعملونَ في القواتِ المسلحةِ في البلادِ الإسلاميةِ التي يقيمونَ بها، ويعَدُّونَ ضمنَ رعاياها.

وفي الحربِ الأخيرةِ، التي اجتاحَ اليهودُ فيها غزةَ والمدنَ الفلسطينيةَ، التحقَتْ أعدادٌ كبيرةٌ مِن هؤلاء اليهودِ مُزدَوَجِي الجنسيةِ بالجيشِ الإسرائيلي، يقاتلونَ معهُ المسلمينَ في فلسطين.

والمطلوبُ بيانُ حكمِه أمرانِ:

الأول: هل يجوزُ أن يكونَ في جيشِ الدولةِ المسلمةِ عساكرُ غيرُ مسلمةٍ مِن رعاياها، سواء كانوا متجنِّسينَ أو غيرَ متجنسينَ بجنسيةِ العدوِّ المحاربِ للمسلمين؟

الأمرُ الثاني: هل يسمحُ لغير المسلمِ المقيم في بلادِ المسلمينَ أنْ يلتحقَ بجيشِ العدوّ؟ وهل للدولةِ المسلمةِ التي يقيمُ بها أنْ تأذنَ له في ذلك؟ وإذا التحقَ بغير إذنِها، فمَا الواجبُ الشرعيُّ على الدولة المسلمةِ التي منحتهُ الجنسيةَ والمواطنةَ أنْ تفعلهُ معه؟

فأجاب المجلس:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فقد قررَ المجلسُ جوابًا على ذلك ما يلي:

فيما يتعلقُ بالأمر الأولِ: فإنَّ الكافرَ من اليهود أو غيرِهم، ليس هناكَ ما يمنعُ شرعًا من التحاقِه بالوظائفِ العامةِ في الدولة المسلمةِ، بما فيها قواتُها المسلحةُ، بشرطِ أنْ يؤمَنَ جانبُه، ولا يُلحِق تولِّيهِ ضررًا بمصلَحةِ المسلمين، وذلكَ إذا أُعطيَ جنسيةَ الدولةِ المسلمةِ، ورضيَ بالإقامةَ فيها ضمنَ رعاياها، وتنفيذِ أحكامِها وقوانينِها؛ والتزمَ بمقتضَى المواطنةِ والعهدِ الذِي رضيَ به مع المسلمين.

ولا تجوزُ الاستعانةُ به في قتالِ الكفارِ المحاربين؛ إذ لا تجوزُ الاستعانةُ بغيرِ المسلمينَ لغيرِ ضرورةِ خوفٍ على جيش المسلمينَ مِن اجتياحِ العدوّ.

وعند الضرورةِ تجوزُ الاستعانةُ بهم على الراجحِ، وهو أحدُ قولي المالكيةِ؛ لمَا جاء في الصحيحِ مِن حديثِ أبي هريرة، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ اللهَ ليؤيدُ هذا الدينَ بالرجلِ الفاجرِ) [البخاري:3062]، قال ابن بطالٍ في شرحِ الحديث: “والفاجرُ يعمُّ المسلمَ والكافر” [شرح ابن بطال: 5/222].

ولمَا رواهُ مالكٌ في الموطأ عن ابن شهابٍ مرسَلًا: “أنّ صفوانَ بنَ أميةَ شهدَ مع النبي صلى الله عليه وسلم حُنينًا والطائفَ، وكانَ مشركًا” [انظر الموطأ: 2/544]، قال ابن عبد البرّ: “والحديثُ وإنْ كان مرسَلًا، فشهرتُه أقوَى مِن إسنادِه، وابنُ شهابٍ إمامُ أهلِ السيرِ وعالِمُهم”

[التمهيد:7/398].

وهذا ما لم يحمِلِ الكافرُ المقيمُ في بلاد المسلمينَ جنسيةَ دولةٍ كافرةٍ محاربةٍ للمسلمين؛ لأنه بحمْلِها يكونُ ملتزمًا للدولةِ المحاربةِ بقتالِ المسلمين، وهذا نقضٌ للعهدِ، يحوِّلُهُ من صاحبِ عهدٍ إلى محاربٍ مُستباحِ الدَّمِ والمال.

 

 

الأمر الثاني: مشاركةُ الكافرِ المتوطّنِ بلادَ المسلمينَ، الخاضعِ لأحكامهم، مع أعداءِ المسلمينَ المحاربين في قتالِ المسلمين؛ يُعدُّ نقضًا للعهدِ، ويُصيرُهُ حربيًّا حلالَ الدمِ والمال، وبانتقاله إلى معسكرِ العدوِّ يجبُ على الدولةِ المسلمةِ التي يحمل جنسيتها أنْ تنتزعَها منه، وتصادرَ مالَه، وتهدرَ دمَه، قال الله تعالى: (وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ)[التوبة:12]، وقال تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا)[التوبة:4]، وقال تعالى: (فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ)[التوبة:7].

لذَا؛ فإنَّ الواجبَ على حكامِ المسلمين، الذينَ لهم رعايَا من غير المسلمين في قواتهم المسلحةِ، يشاركونَ الصهاينةَ في قتالِ أهلِ فلسطين؛ أنْ يصادرُوا أموالَهم بنقضهم العهدَ، وأنْ يحاكمُوهم بجريمةِ الخيانةِ العظمى، والتآمرِ على أوطانِهم.

 

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

قرار رقم 2 لعام 1446 بشأن التحاق اليهود المقيمين في بلاد الإسلام بالجيش الصهيوني قرار رقم 2لعام 1446 إلتحاق اليهود المقيمين في بلاد الإسلام بالجيش الصهيوني 2

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق