بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2188)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
قَسَّم والدي أملاكه بين أبنائه وزوجتيه، ولم يحز أيّ منهم الأملاك، ولا مستندات القسمة، وقبل وفاته بعام توفيت إحدى زوجتيه، ثم توفي هو رحمهما الله، فما حكم القسمة المذكورة؟ وهل تعد نافذة شرعًا؟ وهل للزوجة المتوفاة نصيب في القسمة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن القسمة المذكورة من قبيل الهبة، ومن شرط الهبة تمام الحيازة، وذلك بأن يقبل الموهوب الهبة، ويتصرف فيها تصرف الملَّاك في حياة الواهب؛ كي تتحقق الحيازة الشرعية، التي ينتقل بها الملك، ففي الموطأ عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “إن أبا بكر الصديق كان نحلها جادّ عشرين وسقًا من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة قال: والله يا بنية ما من الناس أحدٌ أحب إلي غنى بعدي منك، ولا أعز علي فقرا بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقا، فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك، فاقتسموه على كتاب الله) [الموطأ:2202]، وقال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحيازة، فإن مات قبل أن تحاز فهي ميراث” [الرسالة:117].
وعليه؛ فإذا كان الأمر كما ذكر في السؤال؛ من أن الموهوبَ لهم لم يتصرفوا في شيء من الهبة المذكورة في حياة الواهب، فإن الهبة غير نافذةٍ شرعًا، وتُعدُّ من التركة، تقسم على جميع الورثة ممن بقي حيًّا بعد وفاة الواهب، حسب الفريضة الشرعية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
محمد الهادي كريدان
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
06/ربيع الآخر/1436هـ
2015/01/27م