بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1088)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
توفي رجل وترك ورثة، أبرموا فيما بينهم اتفاقا على قسمة العقارات المخلفة عن مورثهم حسب الاتفاق، ونص الاتفاق على أن يلتزم الحاضرون بتنفيذه والعمل بمقتضاه، وإلغاء ما يخالفه من وثائق، ثم ادعى أحد الورثة الموقعين على الاتفاق بأنه اشترى من والده في العقارات المقسومة، وأراد نقض الاتفاق، فهل تقبل دعواه وتنفعه حجته؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن القسمة التي تراضيتم عليها، ورضيتم بها لتركة أبيكم تعتبر ماضية، ولا يحق لأحد الرجوع عنها، ولو حصل له غبن، ما دام الجميع قد رضوا بها أولاً، وكانوا بالغين راشدين، ولا يحق للأخ الرجوع بعد ذلك؛ لأنه أسقط حقه في الأرض التي ادعى شراءها؛ فلا يعود له، كما هو مقتضى القاعدة المشهورة: (الساقط لا يعود)، وقسمة التراضي هي في حقيقتها بيع، قال الباجي في المنتقى: “وأما قسمة المراضاة بغير تقويم ولا تعديل فهو أن يتراضى الشركاء على أن يأخذ كل واحد منهم ما عين له، ويتراضوا به من غير تقويم ولا تعديل، فهذه القسمة تجوز في المختلف من الأجناس، ولا قيام فيها لمغبون؛ لأنه لم يأخذ ما صار إليه على أنه على قيمة مقدرة ولا ذرع مقدر، ولا على أنه مماثل لجميع ما كان له، وإنما أخذه بعينه على أن يخرج بذلك عن جميع حقه، سواء كان أقل منه أو أكثر، وهذا الضرب أقرب إلى أنه بيع من البيوع” [المنتقى:391/5]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
23/جمادى الأولى/1434هـ
2013/4/4