قيام الطلاب عند دخول المعلم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (1539)
السيد/ وكيل وزارة التربية والتعليم:
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة وبعد:
فبالإشارة إلى مراسلتكم ذات الرقم الإشاري (2013.2.8669)، والمؤرخة بتاريخ (2013/10/13) بخصوص السؤال عن الحكم الشرعي في قيام التلاميذ والطلبة عند دخول المعلم، والجواب على ذلك:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالوقوف لدخول المعلم أمر جائز، إذا كان هذا القيام للبرّ والاحترام والإكرام، ولم يكن طلبًا من المعلم للتعظيم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِن النَّارِ)[الترمذي:2755]، وليس الوقوف لشيء دائما يعني التعظيم المنافي للتوحيد، بل يكون من باب الاحترام؛ كما يقوم الابن لوالده، وكما يُقام للقادم من السفر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه حينما قدم سعد رضي الله عنه: (قوموا لسيِّدكم) [البخاري:3593]، ولم يكن في ذلك التعظيم شرك، قال محمد بن رشد رحمه الله: “القيام للرجل على أربعه أوجه: وجه يكون القيام فيه محظورًا، ووجه يكون فيه مكروهًا، ووجه يكون فيه جائزًا، ووجه يكون فيه حسنًا، فأما الوجه الذي يكون فيه محظورًا لا يحل، فهو أن يقوم إكبارًا وتعظيمًا لمن يحب أن يُقام إليه تكبرًا وتجبرًا على القائمين إليه، وأما الوجه الذي يكون القيام فيه مكروها فهو أن يقوم إكبارا وتعظيما وإجلالا لمن لا يحب أن يقام إليه ولا يتكبر على القائمين إليه، فهذا يكره للتشبه بفعل الجبابرة، ولما يخشى أن يدخله من تغير نفس المَقُوم إليه، وأما الوجه الذي يكون القيام فيه جائزًا، فهو أن يقوم تجلة وإكبارا لمن لا يريد ذلك، ولا يشبه حاله حال الجبابرة، ويؤمن أن تتغير نفس المقوم إليه لذلك، وهذه صفة معدومة إلا فيمن كان بالنبوة معصومًا؛ لأنه إذا تغيرت نفس عمر بالدابة التي ركب عليها، فمَن سواه بذلك أحرى، وأما الوجه الذي يكون فيه القيام حسنا فهو أن يقوم الرجل إلى القادم عليه من سفر فرحًا بقدومه ليسلم عليه، أو إلى القادم عليه مسرورا بنعمة أولاها الله إياه ليهنئه بها، أو إلى القادم عليه المصاب بمصيبة ليعزيه بمصابه، وما أشبه ذلك، فعلى هذا يتخرج ما ورد في هذا الباب من الآثار، ولا يتعارض شيء منها”[البيان والتحصيل:359/4-360]، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “قال الغزالي: القيام على سبيل الإعظام مكروه، وعلى سبيل الإكرام لا يُكره، وهذا تفصيل حسن”[فتح الباري:54/11]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
غيث محمود الفاخري
أحمد محمد الغرياني
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
26/ذو الحجة/1434هـ
2013/10/31م