بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4860)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
نحن نعمل محاسبين في شركة تجارية، ونأمل منكم الإجابة على ما يلي من تساؤلات؛ لتقديمها رسميا لإدارة الشركة:
هل تخصم الديون والالتزامات التي على الشركة من الزكاة؟ وهل تجب الزكاة على البضائع الراكدة (قطع غيار سيارات وآلات ثقيلة في مخازن الشركة)؟ وما هو الضابط في الديون غير مرجوة السداد؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالديون التي على الشركة -كديون التشغيل التي لم تسدد أثناء السنة، ومرتبات العاملين والفواتير- لا تخصمُ من المال، وتجب فيها الزكاة، وتعد هذه الديون بالنسبة إلى الزكاة كالعدم؛ لأن صاحب الشركة لديه ما يقابل الديون من الأصول والمعدات، فلا تعد ديونًا تُسْقِط الزكاة، قال الدردير رحمه الله: “(وَ) لَا فِي مَالِ (مَدِينٍ) إنْ كَانَ الْمَالُ عَيْنًا، كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا، حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا، وَلَيْسَ عِنْدَهُ مِنَ الْعُرُوضِ مَا يَجْعَلُهُ فِيهِ” [الشرح الكبير: 1/495]، قال الدسوقي رحمه الله: “أَمَّا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْعُرُوضِ مَا يَجْعَلُهُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ كُتُبًا فَإِنَّهُ يُزَكِّي تِلْكَ الْعَيْنَ [أ ي ما عنده من الأموال والأرصدة]” [حاشية الدسوقي: 1/495]، لذا؛ فالأولى لمن كانت عليه ديون والتزامات تشغيل، أن يسددها أولا بأول؛ لأنه عند حلول وقت الزكاة سيزكي جميع الرصيد الموجود لديه، ولا اعتداد بما عليه من التزامات كالمرتبات وغيرها.
وأما البضائع الراكدة ركودًا تامًّا، بحيث لم يحصل فيها بيع على الإطلاق، فتجب فيها الزكاة بالقيمة التي تقوّم بها وقت الزكاة، مهما كانت القيمة قليلة، وذلك ما دامت الشركة تبيع بضائع أخرى، ولو قليلة؛ لأن ركود السلعة لا ينقلها للقنية ولا للاحتكار، قال الدردير رحمه الله: “(كَسِلَعِهِ) أَيِ: الْمُدِيرِ، أَيْ: كَمَا يُقَوِّمُ كُلَّ عَامٍ سِلَعَهُ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ (وَلَوْ بَارَتْ) سِنِينَ، إذْ بُوَارُهَا -بِضَمِّ الْبَاءِ- أَيْ: كَسَادُهَا لَا يَنْقُلُهَا لِاحْتِكَارٍ وَلَا قِنْيَةٍ” [الشرح الصغير:1/640].
أما إذا كانت السلعة الراكدة التي لم يحصل فيها بيع على الإطلاق، لا توجد معها سلعٌ أخرى حصل فيها بيعٌ، فالزكاة لا تجب في السلع الراكدة في هذه الحالة، قال الدردير رحمه الله: “(وَإِنَّمَا يُزَكَّى عَرْضُ تِجَارَةٍ) … (وَبِيعَ مِنْهُ) أَيْ مِنَ الْعَرْضِ، وَأَوْلَى بَيْعُهُ كُلِّهِ (بِعَيْنٍ) نِصَابًا فَأَكْثَرَ فِي الْمُحْتَكِرِ، أَوْ أَقَلَّ (وَلَوْ دِرْهَمًا فِي الْمُدِيرِ)” [الشرح الصغير: 1/639].
والديون غيرُ مرجوة السداد هي التي يغلب على الظن أنها لن تُسدَّد، وذلك يعرفُ مِن حال المدين؛ إما لفقره، وإما لكونه مماطلًا، يتعذر استيفاء الدين منه بالقضاء، وهي لا تجب فيها الزكاة إلا بعد قبضها، فتزكى مرة واحدة، قال الدردير رحمه الله: “(لَا إنْ لَمْ يَرْجُهُ) بِأَنْ كَانَ عَلَى مُعْدِمٍ أَوْ ظَالِمٍ لَا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ فَلَا يُقَوِّمُهُ، فَإِنْ قَبَضَهُ زَكَّاهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ” [الشرح الصغير: 1/640]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
06//ذي القعدة//1443هـ
06//06//2022م