طلب فتوى
التبرعاتالفتاوىالمعاملاتالوقف

كيفية تقسيم أرض الحبس المحبسة على الأولاد وعقبهم

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5385)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أنا (م) قد حبّس جدي أملاكه على أولاده وعقبهم ما تناسلوا، للذكر مثل حظ الأنثيين، وقسمها عليهم قبل وفاته كلٌّ على حدة، والآن بعد وفاة والدي، وكّلني إخوتي على قسمة حصة والدي من الوقف، المتمثلة في أراضٍ، فكيف يتم تقسيم هذا الحبس بيني وبين إخوتي؟ وهل يجوز لنا البناء على الأراضي بعد قسمتها؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن للموقوف عليهم أن ينتفعوا بأرض الحبس بأي وجه من أوجه الانتفاع التي لا تذهب عين الأرض، بعد قسمة الأرض بينهم قسمة انتفاع، لا قسمة بت واستبداد، وكما نص عليه الواقف للذكر مثل حظ الأنثيين، وتكون إما بالأزمان بأن ينتفع بها كل واحد من الشركاء زمنًا، أو يأخذ كل واحد منهم جهة، وذلك بالتراضي بينهم، قال عليش رحمه الله: “‌وَأَمَّا ‌قَسْمُهُ ‌مُهَايَأَةً ‌عَلَى ‌أَنَّهُ ‌يَأْخُذُ بَعْضُ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ مَوْضِعًا وَالْآخَرُ مَوْضِعًا لِيَنْتَفِعَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَا أَخَذَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِالتَّرَاضِي” [فتح العلي المالك: 2/254].

وأما البناء على الأرض المحبسة؛ فللموقوف عليهم أن يبني كل منهم فيما صح له من الأرض الموقوفة، سواء للسكنى أو للكراء، فإن كان للسكنى سكنها الموقوف عليه، ثم تصير لمستحق الوقف من بعده، وأما إن كانت للكراء، فإنه يكريها ويأخذ من كرائها قدر ما أنفقه في البناء؛ ثم يكون البناء بعد ذلك للوقف، ويدخل معه في أخذ الكراء سائر الموقوف عليهم، قال ابن رشد رحمه الله: “قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فِي الدَّارِ الْحُبُسِ عَلَى قَبِيلَةٍ فَيَأْتِي رَجُلٌ مِنْهُمْ فَيَبْنِي فِيهَا الْحَوَانِيتَ وَالْبُيُوتَ لِلْغَلَّةِ وَالسُّكْنَى… قال: أَمَّا السُّكْنَى فَمَنْ سَكَنَ مِنْهُمْ فَهُوَ أَوْلَى بِمَا سَكَنَ مِمَّا يَكْفِيهِ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَأَمَّا مَا بَنَى لِلْغَلَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَاضِيَ نَفْسَهُ بِمَا يَسْتَوْفِي مِنَ الْخَرَاجِ، فَيَتَقَاضَى مِنَ الْخَرَاجِ مَا أَنْفَقَ فِي الْبُنْيَانِ، فَإِذَا تَقَاضَى مَا أَنْفَقَ فِي الْبُنْيَانِ فَالْكِرَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ لِجَمِيعِ مَنْ حُبِّسَ عَلَيْهِ” [البيان والتحصيل: 12/279]،والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

05//جمادى الأولى//1445هـ

19//11//2023م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق