كيف يُتصرف في تركة مجهول الأبوين؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
رقم الفتوى (4617)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
كفل عمي فتاة مجهولةَ الأبوين من دار الرعاية، وقبل وفاته بسنتين وهب لها محلات تجارية، وفتح لها حسابًا في المصرف، أودع فيه أجرة المحلات، وبعد ثلاث سنوات توفيت الفتاة، فكيف يتم التصرف في المال الموجود في حسابها؟ وهل يجوز صرفه على المساجد، ومراكز تحفيظ القرآن، وحفر آبار المياه؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن تركة مجهولِ الأبوين تؤول إلى الصرف في مصالح المسلمين العامّة، قال الدردير رحمه الله: “(وَهُوَ) أَيِ: اللَّقِيطُ (حُرٌّ)؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي النَّاسِ (وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ: أَنَّهُمْ يَرِثُونَهُ فَمَحَلُّ مَالِهِ إذَا مَاتَ بَيْتُ الْمَالِ، إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ الْمُلْتَقِطُ، بَلْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ” [حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير: 4/125].
وعليه؛ فلا مانع من صرف تركة الفتاة مجهولة الأبوين على المساجد ومراكز التحفيظ وحفر الآبار، لكن الأولى صرفها على المستشفيات والمعاهد العلمية وتعبيد الطرق وإصلاحها؛ لغفلة الناس عن التبرع لهذه الجهات مع الحاجة الشديدة إليها في أيامنا، وكثرة تبرعهم للمساجد ومراكز التحفيظ، وترتيب الأولويات معتبر في الصرف على مصالح المسلمين، قال القرافي رحمه الله عند حديثه عن الأموال المغصوبة التي لم يعلم صاحبها: “فَهِيَ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ تصرف فِي مَصَارِفِهِ الْأَوْلَى فَالْأَوْلَى مِنَ الْأَبْوَابِ وَالْأَشْخَاصِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ نَظَرُ الصَّارِفِ مِنَ الْإِمَامِ أَوْ نُوَّابِهِ أَوْ مَنْ حَصَلَ ذَلِكَ عِنْدَهُ من الْمُسلمين… -إلى أن يقول-: قَدْ يَكُونُ الْغَزْوُ أَوْلَى فِي وَقْتٍ أَوْ بِنَاء جَامع أَوْ قنطرة” [الذخيرة: 6/28]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
22//محرم//1443هـ
30//08//2021م