بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (936)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
بعض النساء تترك الاعتداد في بيت الزوجية لأتفه الأسباب، وغالبا لإصرار أهلها على البقاء عندهم، وبعض النساء لا تبدأ العدة إلا بعد اليوم الثالث من وفاة الزوج، فما حكم ذلك؟.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فيجب على المتوفى عنها زوجها المبيت مدة العدة في بيت زوجها الذي تسكنه؛ لما ورد أن الفريعة بنت مالك بن سنان، وهي أخت أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما، جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة، فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أَبَقوا، حتى إذا كانوا بطرف القَدُوم لحقهم، فقتلوه، قالت: فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي في بني خدرة، فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه، ولا نفقة، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم)، قالت: فانصرفت، حتى إذا كنت في الحجرة ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أمر بي فنوديت له، فقال: (كيف قلت؟)، فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي، فقال: (امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله)، قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا، قالت: فلما كان عثمان بن عفان رضي الله عنه أرسل إلي، فسألني عن ذلك، فأخبرته، فاتبعه، وقضى به.[الموطأ:2193]، وقال ابن عمر رضي الله عنهما: “لا تبيت المتوفى عنها زوجها ولا المبتوتة إلا في بيتها”[الموطأ:2197]، وعليه؛ لا يحل للمعتدة أن تنتقل من بيتها حتى تنقضي عدتها، إلا لعذر لا يمكنها المقام معه، قال الخرشي رحمه الله: “لو طلقها، أو مات عنها، فأخذت في العدة، ثم حصل لها ضرر في المكان الذي هي فيه, لا يمكنها المقام معه، فإنها تنتقل إلى غيره، والعذر: إما سقوطه، أو خوفها على نفسها، أو مالها لأجل الجار السوء، أو لأجل انتقال جيرانها من حولها، ووجدت وحشة، وإذا انتقلت لعذر إلى المكان الثاني صار حكمه كالأول في لزومه”[شرح الخرشي:159/4]، وتبدأ عدة الوفاة من حين وفاة الزوج، فالواجب لزوم الزوجة البيت من حين الوفاة، ولا يجوز لها تأخير ذلك بعد ثلاثة أيام كما جاء في السؤال، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
11/ربيع الآخر/1434هـ
2013/2/21