لمن التنازل عن دية قتل الخطا؟ وهل يجوز أخذها من التأمين؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2616)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
قُتل أخي في حادثٍ مروري، وترك زوجة وأطفالًا قصر وجنينًا، فهل يجوز لوكيل الأيتام التنازل عن الدية، أو المصالحة بأخذ مبلغ زهيد، أو الاكتفاء بأخذِ التأمينِ بدلًا من الدية؟ وهل يباح للوكيل أخذ الدية من رجال قبيلتنا، بدلًا مِن قبيلة الجاني؛ لأن العرف في قبيلتنا يمنع من المطالبة بالدية، مكتفين بأخذِ مبلغ التأمين؟ وما هو مقدار الدية في الشرع؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فليس للولي على القُصَّر التنازلُ عن حقّهم في الدية، أو الرضى بمبلغ زهيد؛ لأنه من تضييع حقوقهم، قال الدردير رحمه الله: “ولا يعفو الولي في عمد أو خطأٍ مجانا، أو على أقل من الدية، إلا لعُسر” [الشرح الكبير:301/3].
والتعويض المدفوع من قبل التأمين ليس بطيب؛ لأنه من عقود الغرر الباطلة المحرمة شرعًا، ولا يجوز أخذ شيء منه لكم، بل يتخلص منه في مصالح المسلمين العامة.
ولا يلتفتُ للعرف إن صادَم شرعا.
والدية تؤخذ من عاقلة الجاني وهم عصبته من أقاربه؛ لقضاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه بذلك في محضر من الصحابة رضي الله عنهم، قال ابن عبد البر رحمه الله: “وأجمع أهل السير والعلم بالخبر، أن الدية كانت في الجاهلية تحملها العاقلة، فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام، وكانوا يتعاقلون بالنصرة، ثم جاء الإسلام فجرى الأمر على ذلك، حتى جعل عمر الديوان” [الاستذكار:221/25]، قال ابن الحاجب رحمه الله: “والدية على العاقلة إذا كانت خطأ أو في حكمه” [التوضيح على مختصر ابن الحاجب:273/6].
ومقدار الدية: مائة من الإبل؛ لحديث سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه [أبو داود: 4521]، وهي من خمسة أًصناف، قال اللخمي: “فالديةُ من الإبل إذا كان القتل خطأً- أخماسًا: عشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون ابن لبون، وعشرون حِقَّة، وعشرون جَذَعَة” [التبصرة: 6364/13]، ولأهل المدن (4250) جرامًا من الذهب الخالص، أو ما يعادله من المال، وذلك لما ثبت أن عمر رضي الله عنه فرض على أهل الذهب في الدية ألف دينار، وعلى أهل الورق اثنى عشر ألف درهم [أبوداود:4252]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
06/المحرم/1437هـ
19/أكتوبر/2015م