بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5755)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
عرض عليَّ المالك لمبنى مكون من طابق أرضي، فوقه شقق سكنية، أن يبيعني المبنى، مقابل 875000 دينار، فقبلتُ، وسلمته جزءًا من المبلغ، ثم أكملت سَداده على دفعات، علمًا أن المبنى كان مؤجرًا قبل البيع، واستمر الإيجار بعده، فهل للبائع حق في الأجرة بعد البيع، وقبل سداد كامل الثمن؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ مَن باعَ شيئًا يملكه برضاه، بإيجابٍ وقَبول؛ انعقدَ بيعُه، وترتبتْ عليه آثاره، ولو لم يقبض كل الثمن؛ لأن ملك المبيع انتقل إلى المشتري بالإيجاب والقبول، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ) [ابن ماجه:2269]، قال خليل رحمه الله: “يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَإِنْ بِمُعَاطَاةٍ” [المختصر:168].
وأجرة العقار من حق المشتري من وقت انعقاد البيع؛ لأن مَن ملك الذات ملك المنفعة، قال العدوي رحمه الله: “وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ مِلْكِ الذَّاتِ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ وَمِلْكُ الِانْتِفَاعِ” [حاشية العدوي على شرح الخرشي: 6/38].
وعليه؛ فلا حقّ للبائع في الأجرة بعد البيع، ولو لم يُسَدَّد الثمن كاملا، وهذا فيما إذا كان التعاقد على المبنى تم بالفعل عند دفع القسط الأول، لا أنَّ الاتفاق الأول كان وعدا بإتمام البيع فيما بعد عند سداد الأقساط، فالأجرة للمالك الأول، كما أن له الأجرة أيضا إن اشترط البائع على المشتري الانتفاع بها مدة محددة، فإن شرطها لمدة محددة عمل بشرطه، لحديث جمل جابر رضي الله عنه الذي اشتراه النبي صلى الله عليه وسلم منه وشرط جابر رضي الله عنه أن يركبه إلى المدينة، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن بن حسين قدوع
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
25//صفر//1446هـ
29//08//2024م