ما الحكم فيما قضت به المحاكم في الوصية الواجبة؟
هل الخلاف في الوصية الواجبة من الخلاف الفقهي المشروع؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4770)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
توفي والدي قبل جدي، وأصدرت المحكمة حكمها المرفق مع السؤال، وأعطتنا نصيبًا في ميراث جدنا (الوصية الواجبة) سنة 2012م، وأعمامنا الآن يقولون لنا إنه لا حقَّ لنا في ذلك، لأن أبانا توفي قبل أبيه، علما أن منَّا مَن تصرف في حصته التي أخذها بعد القسمة -على الفريضة المذكورة -بالبيع، فهل ما أخذناه من حقنا أم لا؟ وكيف العمل؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن من شروط الميراث تحقق حياة الوارث بعد موت المورِّث، فلا ميراث لأبناء الابن المتوفَّى قبل أبيه عند جمهور أهل العلم، من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِي فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ) [البخاري: 6352].
وقد عملت المحاكم بقانون الوصية الواجبة، وأعطت أبناء الابن نصيباً مع وجود الأبناء، وقانون الوصية الواجبة لم يستند إلى قول أحد من أقوال أهل العلم يعتدُّ به، وإنما هو تلفيقٌ من أقوالهم على صورة لم يقل بها أحد منهم.
وعليه؛ فالحكم المبني عليه منقوض؛ لأنه مخالف للنص والإجماع والقياس والقواعد، وحكم الحاكم إذا خالفَ واحدًا مما ذكر ينقضُ، ولا يرفع الخلاف، قال القرافي رحمه الله مبينًا ما يُنقض فيه قضاءُ القاضي: “وَهْوَ الْحُكْمُ الَّذي خَالَفَ أَحَدَ أَرْبَعَةِ أُمُور: إِذَا حَكَمَ عَلَى خِلَافِ الإِجْمَاعِ يُنقضْ قَضَاؤُه، أَوْ خِلَافِ النصِّ السَّالمِ عَنِ الْمُعَارِضِ، أو القياسِ الْجَلِي السَّالِم عَنِ الْمُعارِض، أَوْ قَاعِدة مِنَ الْقَوَاعِدِ السَّالِمَةِ عَنِ الْمُعَارِضِ” [الفروق: 4/40].
عليه؛ فنصيب أبناء الابن المتوفى قبل أبيه لا حقّ لهم فيه، وللورثة استرداده منهم إذا أرادوا؛ لأنهم أخذوه بغير وجه حق، وهذا الحكم ينطبق على من كان تحت يده النصيبُ الذي أخذه بغير وجه حق، أو من اشتراه منه، ويرجع المشتري بالثمن على مَن باعه، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
حسن سالم الشريف
عبد الدائم بن سليم الشوماني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
17//جمادى الآخرة//1443هـ
20//01//2022م