ما الحكم في جريمة اختطاف الناس والمطالبة بالفدية مقابل إطلاق سراحهم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3214)
السيد/ عميد بلدية كاباو.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة؛ وبعد:
فبالإشارة إلى مراسلتكم بخصوص طلب الفتوى، بشأن بيان الحكم الشرعي في القبض على (الدكتور أبو القاسم الباروني) المالك لمصحة (المسرة)، بتهمة عدم التخلص من مخلفات المصحة بالشكل القانوني.
مع العلم أن المعني تم إخلاء سبيله من قبل النيابة العامة، بعد التحقيق معه بتاريخ 2017/02/01م، وصدرت مذكرة من قبل النائب العام بتاريخ 2017/02/07م، بإخلاء سبيله فورا.
ومع هذا لا يزال قابعا في سجون الغرفة الأمنية المشتركة تاجوراء، بعد أن تم القبض عليه بشكل غير قانوني، فقد تم استيقافه في منطقة البيفي عند الإشارة الضوئية بقوة السلاح، والاستيلاء على سيارته، واقتياده للغرفة.
والآن يطالب الخاطفون مقابل إطلاق سراحه بمبلغ يقدر بالملايين.
فهل ما قامت به هذه الجهة جائز شرعا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ اختطاف الناس، واعتقالهم، واحتجاز حريتهم بقوة السلاح، هو أمر منكرٌ وخطير، وظاهرة باتت تؤرق المجتمع بمختلف طبقاته، حيث صار المواطن لا يأمن على نفسه ولا دينه ولا ماله، في ظل وجود المجرمين، الذين انسلخوا من كل معاني الدين والأدب، ويزداد الأمر شناعة إذا صدر ممن كان الظن فيهم الإعانة على إرساء قواعد العدالة والأمن، وتطبيق القانون.
وعليه؛ فإننا نحذر كل من قام بإجراء مخالف للقانون، سواء كان في هذه القضية المتعلقة بــ(الدكتور أبو القاسم الباروني) أو غيرها، مِن عاقبة فعلهم الوخيم ومغبته، ونذكرهم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الظلم ظلمات يوم القيامة).
كما نذكرهم ونخوفهم بالله تعالى، وبأن الله تعالى حرّم الظلم على نفسه، وجعله بين عباده محرّما، وأنه يجب عليهم أن يحيلوا هذه القضية إلى القضاء فورًا، ليفصل فيها بحكم الشرع، ولا يجوز لهم ولا لغيرهم أن يساوموا معتقلا في تهمة على فدية بمال، مهما كانت المبررات والمسوغات؛ لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَّكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا)، وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ)، كما نذكرهم أن السبيل الوحيد لاستيفاء الحقوق، هو الترافع للجهات ذات الاختصاص، وأن فتح باب استيفاء الحق أمام آحاد الناس، هو سبب الفوضى والتنازع، ولا سبيل لقطع ذلك كله إلا بالرجوع إلى القضاء، الذي هو الفيصل الوحيد بين الناس في استيفاء الحقوق، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
25/جمادى الأولى/1438 هـ
22/فبراير/2017م