طلب فتوى
التبرعاتالصلاةالعباداتالفتاوىالمساجدالمعاملاتالوقف

ما حكم إعادة بناء المسجد لضيقه

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (3204)

 

ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:

مسجدٌ قديمٌ مساحتُه (100 مترٍ مربعٍ)، بُني بجانبِهِ مسجدٌ أكبر (700 مترٍ مربعٍ)، لكنّه ضاقَ بالمصلينَ، فأرادُوا توسعتَه بقطعةِ أرضٍ ملاصقةٍ للمسجد، وبَنَوا (الأساسات) بتبرعاتِ الناسِ، وجاءَ الآنَ بعضُ الأغنياءِ يريدونَ هدمَ المسجدينِ والأساساتِ، وبناءَ مسجدٍ متكاملٍ بتصميمٍ عصريٍّ، فاعترضَ البعضُ؛ بحجةِ عدَمِ هدرِ صدقاتِ المحسنينَ، الذين بَدَؤُوا البناءَ، فما حكمُ ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنّ المسجدَ إذا ضاقَ وأمكنَ توسعتُه بلا هدمٍ، فينبغي الاكتفاءُ بتوسعتِهِ، ولا يُهدم؛ حفظًا لمالِ الوقفِ مِن الإهدارِ دونَ حاجة، والمتبرعُ الجديدُ – بتحملِ تكلفةِ بناءِ المسجدِ بأكمله – إذا أرادَ الأجرَ، فعليهِ أنْ يضعَ مالَه في عقاراتٍ توقفُ على المسجدِ؛ لإعمارِه بالدروسِ وتحفيظِ القرآن، أو بتأسيسِ معاهدَ للعلمِ الشرعيّ، تُلحقُ بالمسجدِ، أو بغيرهِ مِن المساجدِ، تتولَّى رعايةَ طلابِ العلمِ؛ لتخريجِ الحفظةِ والعلماءِ؛ قالَ تعالى: )إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَّكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ( [التوبة:18].

والمساجدُ في زمانِنَا يُنفَقُ المالُ الكثيرُ على إنشائِها، ولا يُنفقُ إلَّا القليلُ على إعمارِها، وإعمارُها لا يتمُّ إلّا بالتوسعِ في إحياءِ سنَّةِ الوقفِ الخيريِّ، الذي يُمَكِّنُ المسجدَ مِن أداءِ دورِه على أكملِ وجهٍ، بالتعليمِ وتقديمِ الخدماتِ التي يحتاجُها الناسُ، مِنْ خِلالِ ملحقاتٍ خدميةٍ للمسجدِ، تتولَّى رعايةَ الفقراءِ وذوي الحاجاتِ، مثل صيدليةٍ تساعدُهم على الحصولِ على الأدويةِ المرتفعةِ الثمنِ بسعرٍ مناسبٍ، أو إنشاء وحدةٍ لغسيلِ الكُلَى أو التحاليلِ الطبيةِ، أو نحو ذلك، فإنَّ ذلكَ كلَّه مِن عمارةِ المساجدِ، الذي يمكِّنُهَا مِن أداءِ دورِها على أحسنِ وجهٍ، وهو أَفْيَدُ لمن يريدُ أنْ ينفقَ مالَه، وأكثرُ أجرًا لكثرةِ نفعِه، وأفْيدُ للمسلمينَ، ولا يُلجأُ في مثلِ هذا الحالِ إلى الهدمِ وإعادةِ البناءِ، إلَّا إذا لم تمكنِ التوسعةُ، وتقديرُ إمكانِ ذلكَ يُرجع فيه إلى الجهاتِ المختصةِ، وهي هيئةُ الأوقافِ والشؤون الإسلامية، أو مَن ينوبُ عنها، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

                                                                  

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

15/جمادى الأولى/1438 هـ

12/فبراير/2017م

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق