بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3219)
السيد/ مدير مكتب الأوقاف والشؤون الإسلامية بصبراتة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال التالي:
هل يجوز إلقاء الدروس والمواعظ قبيل صلاة الجمعة، وفي بعض المناسبات الاجتماعية كالمآتم؛ استغلالًا لاجتماع الناس، ونشرًا للخير؟ علما بأن حلقات العلمِ والمواعظ تعاني مِن قلةِ الحضور.
والجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن إلقاء الدروس من أجل تعليم الناس وإفادتهم في أمر دينهم أمرٌ محمود، وهو من أهم وسائل الدعوة، فإذا كان لهذا الغرض فهو مشروع، قبل خطبة الجمعة وبعدها، وفي كلِّ وقت، وقد ثبت التدريس قبل الجمعة عن بعض السلف، وأما ما جاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشراء والبيع في المسجد، وأن تنشد فيه ضالة، وأن ينشد فيه شعر، ونهى عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة) [الترمذي:322]، فهذا الحديث مختلفٌ في صحته، فقد انفرد به محمد بن عجلان عن عمرو بن شعيب، واختلف كذلك في تفسيره على عدة أقوال، أرجحها أن المراد به النهي عن التحلق للحديث في أمور الدنيا، ويؤيد هذا التأويل رواية ابن خزيمة رحمه الله: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التحلق للحديث يوم الجمعة قبل الصلاة) [صحيح ابن خزيمة:1242]، ورواية ابن أبي شيبة رحمه الله: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحِلَق للحديث يوم الجمعة قبل الصلاة) [المصنف:5408]، ومما يؤيد ذلك أيضا سياق الحديث، حيث قُرن التحلق بالبيع والشراء، وتناشد الأشعار، ونشدان الضالة، وكلها تجتمع في كونها دنيوية، يحدث بتعاطيها اللغط والاضطراب، فظهر أن المقصود صيانة المساجد عمّا لم تُبنَ له، وتنزيهها عمّا لا يليق بها.
وعلى فرع الأوقاف بصبراتة تنظيم الدروس في بعض المساجد دون الأخرى؛ مراعاة لمن يريدون التبكير لقراءة القرآن والذكر والتنفل، فهو من سنن يوم الجمعة.
أما الاجتماع لأهل الميت فالأولى تركه؛ لأنه صار مصحوبا بصنعة الطعام، وهو منهي عنه، واستدعاء الواعظ يرسخ هذه العادة التي ينبغي الانصراف عنها، ويحول المآتم إلى مهرجانات للتفاخر والتباهي، وذلك مذموم، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
30/جمادى الأولى/1438 هـ
27/فبراير/2017م