ما حكم استخدام مجسم للكعبة الشريفة في تعليم مناسك الحج
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2936)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
نحن مدرسة سبيل الرشاد للتعليم الأساسي بطرابلس، نريد أن نقومَ بصنعِ مجسمٍ للكعبةِ المشرفة، ومقامِ إبراهيم عليهِ السلام، وبعضِ الأشياءِ الأخرَى، المتعلقةِ بمناسكِ الحجّ والعمرة؛ لغرضِ تسهيلِ تعليمِ أبنائِنا هذه المناسِكَ بصورةٍ عمليةٍ، وعرضِها في معرضٍ سنويّ، تقيمه وزارةُ التعليم، فهل يجوزُ لنا شرعًا القيامُ بذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ تعليم مناسكِ الحج والعمرةِ من الواجبات؛ لأنّ ما لَا يتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجبٌ، والتعليمُ له وسائلُ مختلفةٌ، منها التصويرُ والتمثيلُ، ولم يَردْ في الشرعِ نهيٌ عن تصويرِ الطبيعةِ؛ مِن الحجر والشجرِ والبحار والأنهارِ، بل وردَ الإذنُ بذلك عن ابن عباس رضيَ الله عنهما، وذكرَ أنّ التصويرَ المحرمَ خاصّ بذوات الأرواح، كما في صحيح البخاري [2225]، وجاء في السنّةِ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، ما يدلّ على جوازِ التعليم بالتمثيل والرسم والتخطيط في الأرض؛ قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “خطّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم خطًّا مربعًا، وخطَّ خطًّا في الوسطِ خارجًا منه، وخطَّ خططًا صغارًا إلى هذا الذي في الوسطِ، من جانبِه الذي في الوسطِ، وقال: (هذا الإنسانُ، وهذا أجلُهُ محيطٌ به – أو: قد أحاطَ به – وهذا الذي هو خارجٌ أمَلُه، وهذه الخططُ الصغارُ الأعْراضُ، فإنْ أخطأَه هذا نهشَه هذا، وإن أخطأَهُ هذا نهشَهُ هذا)” [البخاري:6417].
والتعليم بواسطةِ المجسماتِ للكعبة مِن هذا القبيل، فليس هناكَ ما يمنعُ منه، وليس في انتشار مجسماتِ الكعبةِ وتصويرها ما يمسُّ بحرمةِ الكعبةِ المشرفةِ، أو يؤدِّي إلى الغلوِّ فيها، فإنّ صورَها منتشرةٌ على مدَى عشراتِ السنين، تعلَّقُ وتوضعُ في كلِّ الأماكنِ، وعلى سجاداتِ المصلينَ، ولم يغيرْ ذلكَ مِن منزلةِ الكعبةِ في قلوبِ الناسِ، فكيفَ إذا كانَ هذا التصويرُ لفائدةِ التعليمِ، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
02/شعبان/1437هـ
09/مايو/2016م