بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2931)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
قامت الدولة عندنا في الجزائر بدفع قيمة الفائدة على القروض من الخزانة، ويتقاضى المواطن القرض بدون فائدة، وقد أفتى بعض المشايخ بجوازها؛ لأن المقرض ودافع (الفائدة) يدٌ واحدة، فالخزينة والبنك تملكهما الدولة؛ فهي ليست أجنبية عن دافع القرض؛ كالذي يملك دُكانَين فأمرَ أحدهما أن يقرضَ رجلًا قرضًا، وقال للآخرِ: ادفع له (للدكان الدافع) مبلغًا من المال، ويستدلُّون ببعضِ النظائر في الفقه الإسلامي؛ ومنها عدم جريان الربا بين السيدِ وعبده عندَ الحنابلة، فهل يجوز أخذ هذه القروض؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فهذه المعاملة غيرُ جائزة؛ لأن القرض المشروع لابدَّ أن يَتَمَحَّضَ النَّفْع فيه للمُقْتَرض، فإذا حَصَل منه نفع للمُقْرِض ـ سواء كان النفع مِنَ المُقْتَرض أو من الدولة؛ كما في السؤال ـ مُنع، لِخُرُوجِه عن أصل مشروعيته، وهي الإرفاق والإحسان، ولِمَا ورد عن ابن عباس وابن سلام رضي الله عنهم: “كُلُّ سَلَف جَرَّ نَفْعا فهو رِبًا” [السنن الكبرى:349/5]، وهو عام في كُلِّ نَفْع للمُقْرِض؛ سواء كان من المُقْتَرض أو مِنْ غيره.
وكل من المصرف والخزينة العامة له ذمة مستقلة؛ لأن المصرف إذا فرط بما أدى إلى خسارته، يكون عرضة للمساءلة والمحاسبة من الدولة، فليسَا يدًا واحدةً كصاحب الدكان، والسيد والعبد.
ومَن تورط في ذلك فيجبُ عليه التوبة والندم، ولا تتم التوبة إلا بالتخلص مِن العقد الربوي، وإنهائه، وتسديده بأكملهِ مرةً واحدة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
02/شعبان/1437هـ
09/مايو/2016م