بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4845)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
حصلتْ مشاجرةٌ بين زوجتي وأهلها، وكبرتْ هذه المشاجرة، واضطرني هذا إلى أنْ حلفتُ بقولي: عليَّ اليمين بالثلاثة ألا أزور أهلها ولا هم يدخلون مزرعتي، ومرتِ الأيام، وحصلتْ مشاجرةٌ ثانية، أدتْ إلى تهجم إخوتها عليَّ في المنزل، وكان ذلك بحضور الشرطة، فهل يقع الطلاق، أم لا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الحلف بالطلاق مكروه، وهو من أَيمانِ الفساق، التي تقدحُ في المروءة والشهادة، ولا يحلفُ المسلم إلا بالله، قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ) [البخاري:2533]، وحكم الحلف بالطلاق وتعليقه – سواء نوى به الطلاق أو التخويف – حكم اليمين في البرّ والحنث، فيقع في حال وقوع المعلّق عليه، إن كان قد علّق الطلاق على شيء معيّن؛ عند جماهير أهل العلم، من المذاهب الأربعة وغيرها؛ لما جاء عن نافع رحمه الله أنه قال: “طَلّقَ رَجُلٌ امْرَأتَهُ البَتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: إِنْ خَرَجَتْ، فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخرُجْ، فَلَيْسَ عَلَيهِ شَيْءٌ” [البخاري:7/45].
ولفظ “عليّ اليمين” إذا لم تصحبه نية يعدّ طلاقًا، فإن اليمين ينصرفُ إلى الطلاقِ في عرفِ البلد، إلا إذا نوَى به صاحبُهُ اليمينَ بالله، فإنه لا يكونُ مع هذه النية طلاقًا؛ لأنّ النيّة مقدمةٌ على العرف في الأَيمان.
وعليه؛ فقد لزم الزوجَ ثلاثُ طلقاتٍ بقوله: “عليّ اليمين بالثلاثة”؛ لعدم إرادته بهذا اللفظ اليمين بالله، ولوقوع المحلوفِ عليه، وهو دخولُ أهلِ الزوجة لمنزله الذي هو بالمزرعة التي حلف عليها، وبذلك بانتْ منه زوجته بينونةً كبرى، فلا تحلُّ له إلا بعد أن تنكح زوجًا غيره نكاحَ رغبة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن بن حسين قدوع
عصام بن علي الخمري
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
22//شوال//1443هـ
23//05//2022م